للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الأربعاء حادي عشرينة نزل الحاج بالبركة، فنزل سيدي عمر بن الملك المنصور أمير ركب الأول، ونزل الأمير طقطباي أمير ركب المحمل، ونزل سيدي ابن السلطان وخوند زوجة السلطان، وحضر صحبة ابن السلطان السيد الشريف بركات أمير مكة وولده وصهره وعرعر، وحضر القاضي كاتب السر محمود بن أجا، وحضر شيخ العرب عبد الدائم بن بقر وأخوه بيبرس، وغير ذلك من أعيان الحجاج، فخرجت الأمراء قاطبة إلى تلقيهم وأعيان الناس، فكان لدخولهم إلى بركة الحاج يوم مشهود، ولاقاهم القضاة أربعة فأقام ابن السلطان في بركة الحاج إلى بعد العصر وركب من هناك ودخل إلى القاهرة فنزل في مدرسة أبيه وبات بها، وكذلك أمراء الحاج.

وأما خوند زوجة السلطان فإنها طلعت إلى القلعة في المحفة تحت الليل وحولها المشاعل والفوانيس، فطلعت من باب الدرفيل ولم يشعر بها أحد من الناس، ودخل القاضي كاتب السر إلى بيته تحت الليل، وكان عليلا، فدخل في محفة إلى داره.

فلما كان يوم الخميس ثاني عشرين المحرم جلس السلطان بالحوش وعمل الموكب بالشاش والقماش وحضر الأتابكي سودون العجمي أمير كبير وسائر الأمراء المقدمين غيرهم وأرباب الدولة قاطبة. ثم أن ابن السلطان ركب من مدرسة أبيه التي بالشرابشيين وركب قدامه الشريف بركات أمير مكة وولده وصهره وهم بكوامل مخمل أحمر بسمور، وكان السلطان أرسل تلك الكوامل إلى الشريف صحبة الشهابي أحمد بن الجيعان إلى العقبة لما خرج إلى ملاقاة سيدي ابن السلطان. فلبس الشريف بركات وولده وصهره تلك الكوامل عند طلوعهم إلى القلعة، ولبس سيدي ابن السلطان كاملية تماسيح على أحمر، فلاقاهم رؤوس النوب وهم بالشاش والقماش، واستمروا على ذلك حتى وصلوا إلى سلم المدرج، وكان قدامه الشريف بركات وأمراء الحاج، فلما وصلوا إلى سلم المدرج نزل ابن السلطان من على الفرس، وكان تحته فرس بوز بسرج وكنبوش، وكذلك الشريف بكرات وأمراء الحاج، من عند المكان الذي تنزل عنده الأمراء المقدمون، ثم طلعوا بالفرس ثانيا، إلى عند المصطبة التي يجلس عليها نائب القلعة، فركب ابن السلطان من هناك ثانيا، ومشى قدامه الشريف بركات ومسك بأزكة لجامه من على الميمنة ومسك بأزكة اللجام من على الميسرة الأمير طقطباي أمير ركب المحمل، وكان الأمير طقطباي يومئذ مقدم ألف نائب القلعة، ومشى قدامه الجم الغفير من الرءوس النوب والخاصكية وهم بالشاش والقماش، ومشى قدامه الشبابة السلطانية والشعراء والشاوشية، واستمر في هذا الموكب الحافل حتى وصل إلى باب الحوش، فنزل على مصطبة مشد الحوش ودخل من باب الحوش والموكب عمال. وكان ابن السلطان عمره يومئذ نحو عشر سنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>