شخص من الخاصكية بالسيف في وجهه من جماعة من المماليك عند التعدية بسب ازدحام العسكر.
ثم إن السلطان توجه من المنية إلى المنصورة وأقام بها يوما وليلة، ثم توجه من هناك إلى البحيرة فأقام بها يوما وليلة، واستمر يرحل من مكان إلى مكان إلى أن نزل بالنجيلة فأقام بها يومين وليلتين، وأحضر له الصيادون هناك تمساحا فأمر بتوسيطه بين يديه.
فلما كان يوم السبت ثالث عشرة دخل السلطان ثغر رشيد فأقام به إلى يوم الأحد.
ثم أوكب من هناك ودخل إلى مدينة الإسكندرية في يوم الاثنين خامس عشرة، فدخل العسكر وهو لابس آلة الحرب باللبس الكامل، وانسحب الطلب والجنائب كما تقدم القول على ذلك، ثم دخلت الأمراء وهم بالشاش والقماش، ولم يلبس السلطان الكلفتة بل لبس تخفيفة صغيرة مدورة، وعليه كاملية محمل أحمر بسمور، وحمل الأتابكي سودون العجمي القبة والجلالة على رأسه، وكان السلطان اقترح على القبة هيئة جلالة ذهب عوضا عن الطير الذي كان يعمل على القبة، فشق من المدينة في موكب حافل، فنشر بعض تجار الفرنج البنادقة على رأسه بعض ذهب وفضة، فلما شق من المدينة زينت له زينة فشروية، وكان ثغر الإسكندرية يومئذ في غاية التزحل والخراب.
ومن الحوادث أنه لما شق من المدينة صدم الأتابكي سودون بالجلالة التي على القبة بعض السقائف التي هناك، فانكسرت تلك الجلالة نصفين وسقطت إلى الأرض، وكذلك لما مرت المحفة من هناك انكسرت الرصافية التي كانت عليها، ثم أن السلطان خرج من باب البحر الملح وجلس بالمخيم الشريف، فأرسل إليه مملوكه خدا بردي نائب الإسكندرية تقدمة حافلة ما بين ذهب عين ومماليك وقماش على حمالين وخيول وغير ذلك، ثم قدم إليه الخواجا ابن أبي بكر تاجر السلطان تقدمة حافلة، ولم يكن بثغر الإسكندرية يومئذ أحد من أعيان التجار لا من المسلمين ولا من الفرنج، وكانت المدينة في غاية الخراب بسبب ظلم النائب وجور القباض، فإنهم صاروا يأخذون من التجار العشر عشرة أمثال، فامتنع تجار الفرنج والمغاربة من الدخول إلى الثغر، فتلاشى أمر المدينة وآل أمرها إلى الخراب، حتى قيل طلب الخبز بها فلم يوجد ولا الأكل، ووجد بها بعض دكاكين مفتحة والبقية خراب لم تفتح.
وكانت الاسكندرية من أجل مدائن الدنيا حتى قيل كان بها لما فتحها عمرو بن العاص ﵁ أربعة آلاف دار محكمة البناء مفروشة بالرخام الملون، وفي كل دار ممنها حمام تختص بها، وكان بها اثنا عشر ألف بقال يبيعون البقولات من بعد العصر إلى العشاء، وكان بها أربعون ألف يهودي ممن وجب عليه الجزية، وكان بها من الروم