للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العصى. وكان الأمير كرتباي الوالي ماشيا بالشاش والقماش، ونقيب الجيش وغير ذلك من الخاصكية، ثم جاء السلطان وعليه الشاش والقماش وقد تقدم القول على ترتيب الطلب في الريدانية أولا.

وهذا كان صفته لما شق من القاهرة بالموكب السلطاني وهو لابس كاملية محمل أحمر بسمور، والخليفة عن يمينه وهو بالعمامة البغدادية وعليه قباء صوف أبيض، وكان أمير كبير سودون العجمي عن يساره رافعا القبة على رأسه والجم الغفير من الخاصكية خلفه وهم بالخوذ والزرديات وبأيديهم الرماح بالشطفات الحرير الملون، وكان الصنجق السلطاني مطويا في كيس حرير أصفر، فلما شق من القاهرة كانت مزينة بالزينة الحافلة، واصطفت له الناس على الدكاكين بسبب الفرجة، وتركزت له الطبول والزمور على الدكاكين، من باب النصر إلى رأس الرملة، فرجت له القاهرة في ذلك اليوم رجا وابتهجت الناس أي بهجة، ثم ارتفعت له الأصوات بالدعاء من الخاص والعام.

وكان هذا الموكب من الوقائع الغريبة في هذا العام، وكان من المواكب المعدودة والأيام المشهودة، قل أن بقي يقع لأحد من ملوك مصر مثل هذا الموكب فيما يأتي من الزمان، ولم يقع للأشرف الغوري من حين تسلطن وإلى اليوم أنه أوكب وشق من القاهرة هو والأمراء بالشاش والقماش غير هذا الموكب، فاستمر في هذا الموكب حتى طلع من على جامع المارديني، من على مدرسة السلطان حسن فشق من الرملة، وقد ماجت له الرملة في ذلك اليوم من العسكر وكثرة الخلائق فاستمر على ذلك حتى دخل من باب الميدان، فوقف له الخليفة هناك والقضاة الأربعة، فطوبوا له ورجعوا إلى دورهم، ودخل السلطان إلى الميدان هو والأمراء.

وكان الأمير طومان باي الدوادار الكبير نصب له بالميدان الخيمة الكبيرة اليت تنصب في المولد، ومد بها مدة حافلة قيل كان مصروف تلك المدة فوق الألف دينار، وفرش تحت حافر فرس السلطان الشقق الحرير من باب الميدان إلى الخيمة، وقيل نثر على رأسه خفائف الذهب والفضة.

ثم أن السلطان جلس في الخيمة وأكل من المدة هو والأمراء، فلما انقضى أمر المدة أحضر كوامل مخمل أحمر بسمور فخلعها على الأمراء العشرة الذين كانوا صحبته بثغر الإسكندرية، وخلع على الأتابكي سودون العجمي كاملية مخمل أخضر بسمور، وقيل خلع عليهم الكوامل بالريدانية، وخلع على الأمير طومان باي الدوادار كاملية مخمل أحمر بسمور بسبب تلك المدة التي مدها، وخلع على بعض خاصكية من السقاة من أرباب الوظائف. ثم أن الأمراء نزلوا من الصليبة في موكب حافل وتوجهوا إلى بيوتهم، وانقضى

<<  <  ج: ص:  >  >>