الصنجق السلطاني في كيس حرير أصفر فلم ينشر على رأس السلطان، فلما وصل إلى قبة الأمير يشبك التي في رأس الحسنية لاقاه الشعراء بالشبابة السلطانية والمزاهر، ولاقاه الطبردارية وفي أيديهم الأطبار فمشوا قدامه، ثم لاقاه طائفة اليهود والنصارى وفي أيديهم الشموع موقودة.
ومن الحوادث في ذلك اليوم أن السلطان لما وصل إلى رأس سوق الدريس فكان هناك حمل معلق فيه قناديل معمرة بالزيت، فصدم به الأتابكي سودون العجمي هلال القبة الذي هو عوض عن الطير الذهب، فسقطت تلك القناديل على البة وكلفتة السلطان والكملية المخمل الأحمر التي عليه فانطرطشوا بالزيت الطيب تطرطشا فاحشا، فلم يتفاءل الناس بذلك على السلطان، ووقع له أنه لما دخل لمدينة الإسكندرية سقط هلال القبة الذي على رأسه إلى الأرض وانكسر نصفين في وسط سوق الإسكندرية، وكذلك رصافية المحفة سقطت إلى الأرض فبادروا إليها ووضعوها على المحفة، فلم يتفاءل الناس بهذا أيضا على السلطان.
لكن وقع للأشرف قايتباي أنه لما دخل إلى ثغر الإسكندرية وشق من سوقها سقط الطائر الذهب الذي على القبة إلى الأرض، فبادر الأمير يشبك الدوادار الكبير ونزل عن فرسه وركب الطائر على القبة وثبته عليها بيده وأعاده كما كان، ثم ركب على فرسه ومشى السلطان إلى أن خرج من باب البحر، فتفاءل الناس بزوال السلطان بعد ذلك، فلم يؤثر فيه هذا التطير ومكث من بعد ذلك دهرا طويلا. ثم أن السلطان لما جرى ذلك كظم في الباطن وعاب على الأتابكي يسودون العجمي حمل القبة والطير، وقد حملهما على رأس السلطان بغير معرفة وكان لهما طريقة في حملهما غير ذلك، فاستمر السلطان في هذا الموكب على ما ذكرناه أولا، فكان النفير السلطاني المسمي بالبرغشي قدام الطلب ووراءه الطبول والزمور، ثم انسحب النوب الهجن وانسحب بعدها الجنائب الملبسة بالبركستوانات المخمل الملون ثم انسحب من بعد ذلك الخيول التي بالكنابيش والسروج الذهب والبلور والعقيق المزيكة بالذهب، وكان في السروج ما هو مرصع بالفصوص المثمنة، وكان على الخيول طبول بازات بلور مزيك بذهب وشيء فضة مينة، فكان من هذه الأصناف نحو عشرة طبول، ثم انسحب جوشنان حرير ملون وخزائن المال وعدتهم ست بأغشية حرير أصفر وأحمر، ثم انسحب المحفة بغشي حرير أصفر مزهر عليه بالتقاصيص الحرير ملون، ثم وراء ذلك جاء المباشرون ثم الأمراء الطبلخانات والعشراوات، ثم جاء الأمراء المقدمون وهم بالشاش والقماش، ثم جاء القضاة الأربعة، ثم مشى الشعراء والشبابة السلطانية، ثم مشى من بعد ذلك الأمرا الرؤوس النوب وبأيديهم