للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العجمي، والوكيل عن سيباي نائب الشام الأمير طومان باي الدوادار الكبير، وكان جملة الصداق نحو عشرين ألف دينار: من ذلك عشرة آلاف دينار معجلا وعشرة آلاف دينار حال. وكان العقد بجامع القلعة وحضر القضاة الأربعة وهم: علاء الدين الأخميمي الشافعي والقاضي شمس الدين السمديسي الحنفي والقاضي جلال الدين ابن قاسم المالكي والقاضي شهاب الدين الفتوحي الحنبلي، وحضر سائر الأمراء من الأكابر والأصاغر وحصر القاضي كاتب السر محمود بن أجا وأعيان المباشرين قاطبة. فلما فرغ السلطان من صلاة الجمعة فرشت له مرتبة على باب المقصورة فجلس عليها، وجلست الأمراء حوله بالشاش والقماش والقضاة الأربعة، وجلس نواب القضاة عند المحراب، ثم خطب قاضي القضاة الشافعي خطبة النكاح، وطافوا على الحاضرين سن الأعيان بنحو عشرين سلطانية صيني فيها سكر، ثم أن السلطان خلع على القضاة الأربعة كوامل صوف أبيض بسمور، وخلع على الأتابكي سودون العجمي والأمير طومان باي الدوادار كوامل مخمل أحمر بسمور، كونهما وكيلين في العقد، وخلع على محب الدين الحلبي إمام السلطان كاملية صوف بسمور، ثم قام السلطان وانفض المجلس في نحو خمس درج، وقد قال القائل في المعنى:

على أيمن الساعات عقد مبارك … بهى كما شاء الإله وأظهرا

سني المعالي يسرت حركاته … إذا الله سنى أمر عقد تيسرا

ولم يقع في هذا العقد ما هو كبير أمر من الأفعال الملوكية، وأين هذا مما وقع للخليفة المأمون بن هارون الرشيد لما أن عقد له على بوران بنت الحسن بن سهل وزيره، قال صاحب كتاب "الإكتفاء في تواريخ الخلفاء": "أن الحسن بن سهل الوزير لما عقد المأمون على ابنته بوران ببعداد اجتمع أعيان بغداد من العلماء والأمراء والحجاب بالجامع الكبير، فلما انقض ذلك الجمع نثر الوزير الحسن بن سهل على رؤوس الأعيان من الناس رقاعا مكتوب فيها أسماء ضياع وأملاك، فمن وقعت بيده رقعة مكتوب فيها اسم ضيعة أو ملك بعث إلى صاب الرقعة بتسليم ما في الرقعة من ضيعة أو ملك". وهذا من غرائب الأخبار، وكان ذلك في سنة عشر ومائتين من الهجرة.

ومما يحكى أن الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري زوج ابنه الملك السعيد ببنت الأتابكي قلاوون الألفي، وكان الملك الظاهر يظن أنه إذا زوج ابنه ببنت الأتابكي قلاوون يكون له من بعده عونا لولده على تقلب الزمان، فجاء الأمر بخلاف ذلك وأخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>