للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتحف الفاخرة ما قوم بمائة ألف دينار ثم ظهر له ألف ثوب بعلبكي ومن الأثواب الصوف والأبدان السمور والوشق والسنجاب والقطع الجوخ وثياب البدن من سلاريات وجنينيات جوخ وغير ذلك ما قوم بخمسين ألف دينار، وظهر عنده بشاخين زركش وأشياء من ثياب النساء تركة وحليهن ما لا يحصى، وسبب ذلك أنه استولى على ست عشرة من تركات الخوندات والستات وأعيان الرؤساء من الملوك وغير ذلك ممن توفى في دولة السلطان قانصوه الغوري، وظهر له من الخيول والبغال والجمال ما لا يحصى … فدخل ذلك إلى الحواصل السلطانية، وظهر له من الرزق والأملاك والبيوت والربوع والحوانيت وغير ذلك ما عنهم من الخراج وكرا أماكن في كل سنة فوق العشرة آلاف دينار، واستمر الحال على ذلك إلى يوم تاريخه يظهر له في كل يوم من الموجود أشياء جديدة ولم ينته ضبطه إلى الآن وضاع له تحت الأرض وعند الناس أضعاف ذلك، فكان موجودة إذا قوم جميعه يقارب أربعمائة ألف دينار … ومع هذا المال الجزيل لم يلهم الله تعالى الأمير خاير بيك عند موته أن يبر ابن أستاذه الظاهر خشقدم بشيء من المال في الباطن حتى يستعين بذلك على فقره ووفاء دينه، فعد ذلك من مساوئ خاير بيك ولم يثن عليه أحد بعد موته بخير قط، فذهبت عنه الدنيا وفاتته الآخرة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ولما توفي الأمير خاير بيك أشيع أن السلطان عين تقدمة الأمير خاير بيك إلى أقباي الطويل أمير آخور ثاني، وأنعم على ولده المقر الناصري محمد بإمرة طبلخاناه، وقرره في الخازندارية الكبرى عوضا عن خاير بيك بحكم وفاته، فتزايدت عظمة سيدي ابن السلطان وكان له من العمر يومئذ نحو ثلاث عشرة سنة. وقد تقدم القول على أن السلطان أرسل يخطب بنت مالك الأمراء سيباي نائب الشام إلى ولده المذكور، فتعلل نائب الشام على أن ابنته صغيرة، وكان اسمها فاطمة وتدعى أيضا شقرا، وقيل: إنها جميلة عمرها ثماني سنين ولم تستحق للزواج، فأرسل السلطان يقول له: لابد من ذلك وأرسل له عشرة آلاف دينار مهرها. فلما رأى السلطان قد صمم على ذلك قبل المهر وأجاب بالسمع والطاعة وأذن في تزويج ابنته إلى ابن السلطان. وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه.

وفي يوم الأربعاء ثاني عشرة جلس السلطان على المصطبة التي بالحوش وفرق على المماليك الذين أخرج لهم الحيل والقماش، ففرق عليهم في ذلك اليوم السيوف والزرديات والتراكيش، وكانوا نحو مائة وستين مملوكا من جلبانه.

وفي يوم الجمعة رابع عشر شوال فيه كان عقد المقر الناصري محمد بن السلطان على ابنة ملك الأمراء سيباي نائب الشام، فكان الوكيل عن ابن السلطان الأتابكي سودون

<<  <  ج: ص:  >  >>