وفي ذلك اليوم المقدم ذكره حضر إلى الأبواب الشريفة الأمير إينال باي دوادار سكين الذي كان توجه إلى سليم شاه ابن عثمان ملك الروم، وقد توجه إليه بعد مجيء أقباي الطويل، فلما قابل ابن عثمان أكرمه وأقبل عليه وميزه على أقباي واستحسن كلامه في رد الجواب وشكره على أقباي، فلما قصد التوجه إلى مصر خلع عليه خلعة سنية وأنعم عليه بمال له صورة، وكتب معه مطالعة للسلطان ونعته فيها بأنعات عظيمة وبالغ في تعظيمه، وقيل أن ابن عثمان أظهر في مكاتبته بعض تعاظم بكثرة عساكره وشدة بأسه، فلم يلفت السلطان إلى شيء من ذلك.
*****
وفي شعبان كان مستهل الشهر يوم الأربعاء، فطلع الخليفة والقضاة الأربعة للتهنئة بالشهر، فسلموا على السلطان وعادوا إلى بيوتهم.
وفي يوم السبت رابعه أشيع بين الناس أن قد حضر ساع، وأخبر بأن سليم شاه ابن عثمان قد انتصر على الصفوي وملك بعض ضياع بديار بكر وأشيع أنه ملك تبريز أيضا، فعند ذلك تثبت السلطان ولم يدق الكوسات حتى ترد عليه الأخبار الصحيحة في ذلك، وفي هذه الأيام كثر القيل والقال بين الناس بأن ابن عثمان قد أسر الصفوي ووضعه في حديد وطاف به في البلاد، ولم تصح هذه الأخبار بل إشاعات بين الناس.
وفي يوم الاثنين سادسه حضر سيف جانم نائب طرابلس، وكان أصله من مماليك الأشرف قايتباي وكان لا بأس به.
وفي يوم الجمعة عاشر شعبان رسم السلطان بفتح سد خليج أبي المنجا، ووافق ذلك ثاني بابه وقد تأخر فتحه عن العادة إلى اليوم وفات أوان ميعاد فتحه. وكان النيل يومئذ في خمس عشرة أصبعا من عشرين ذراعا وقد حصل به غاية المنافع وعم البلاد قاطبة، واستمر النيل في ثبات على ما ذكرناه إلى أواخر بابه لم ينهبط منه شيء.
وفي ذلك اليوم وقعت حادثة مهولة، وذلك أن في يوم فتح سد أبي المنجا توجه الأمير كرتباي وإلى القاهرة إلى فتحه، فلما توجه إلى هناك أوسق مركبين فيهما مطابق فيها أكل حلوى وفاكهة وكان في المركبين شيء من الفرش والقماش والأواني، فلما وصلا إلى قناطر أبي المنجا قوى عليهما تيار الماء، فانقلب هذان المركبان بما فيهما مما ذكرناه فغرقا بكل ما كان فيهما جميعا وغرق للوالي مملوك من مماليكه الخاص وبعض غلمان، وكان ذلك اليوم مهولا وما جرى على الوالي في ذلك اليوم خير.