وفي يوم الخميس عاشره أشيع بين الناس أن سليم شاه بن عثمان ملك الروم قد انتصر على الصفوى وملك منه أرزنكان وتبريز، فلم يثق السلطان بهذا الخبر وتثبت حتى ترد عليه الأخبار الصحيحة فيدق الكوسات، ولكن سر السلطان بهذه الإشاعة وأمر بأن تقرأ عدة ختمات في أماكن من الجوامع، فقرئ في مقام الإمام الشافعي ﵁ سبعون ختمة بالجبرتية، وقرئ في مقام الإمام الليث بن سعد ﵁ عدة ختمات، وكذلك في جامع عمرو بن العاص ﵁، وفي جامع أحمد بن طولون، وفي الجامع الأزهر وغير ذلك من الجوامع التي بالقاهرة، وأرسل لكل جامع من الجوامع مبلغا بسبب القراء، وعمل أسمطة للفقراء فعد ذلك من مجاسن السلطان.
وفي يوم الاثنين رابع عشرة نزل الزيني بركات ابن موسى من القلعة وقدامه عبد من عبيد ابن عوض وقد رسم السلطان بتوسيطه، وسبب ذلك أنه قيل عنه كان يعرف ذخائر أستاذه شمس الدين ابن عوض ولم يقر بمكان فيه المال، وعاقبه ابن موسى وسجنه في المقشرة مدة ولم يقر بشيء من المال، فحنق منه الزيني بركات فشاور عليه السلطان فرسم بتوسيطه، فوسطه عند قنطرة الحاجب ولم يقر بشيء من المال الذي كان يعلم به.
فراح ظلما أن علم بالمال أو لم يعلم.
وفي يوم الثلاثاء خامس عشرة نزل السلطان من القلعة وتوجه إلى نحو مصر العتيقة بعد أن صلى صلاة الفجر، فلما وصل إلى فم السد نزل من هناك في مراكب قدمت إليه، وكان صحبته جماعة من الأمراء منهم الأتابكي سودون العجمي والأمير أركماس أمير مجلس والأمير طومان باي الدوادار والأير أنص باي حاجب الحجاب، والأمير تمر أحد المقدمين والأمير علان الدوادار الثاني أحد المقدمين، وغير ذلك من الأمراء المقدمين والطبلخانات والعشراوات، وجماعة كثيرة من الخاصكية، فتوجه إلى بر الجيزة واستمر حادرا من هناك إلى بولاق فطلع إلى البرابخية، وكان القاضي كاتب السر محمود بن أجا عزم عليه هناك، فلما استقر هناك هو والأمراء أحضر كاتب السر بين يدي السلطان مدة عظيمة ما أبقى فيها ممكنا وأتبعها بطواري حفلة ما بين حلوى وفاكهة ومخبوز وغير ذلك من المآكل الفاخرة، فبات السلطان عنده تلك الليلة في البرابخية، فكان سماط العشاء أعظم من سماط الغداء، وقيل أحضر في الطاري بعد الظهر أربعين خروفا شوى وقيل ثلاثين، وخمسين جفنة فيها جذابة، ثم مد له في اليوم الثاني سماطا للغداء فقيل أن القاضي كاتب السر صرف على تلك المدات فوق الألف دينار، فلما تغدى السلطان عنده نزل هو والأمراء في المراكب وتوجه إلى المقياس فأقام به إلى أواخر النهار، ثم عدى من هناك وطلع إلى القلعة، فلما طلع أرسل إليه القاضي كاتب السر تقدمة حفلة ما بين سمور ووشق