للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الخميس ثالثة خلع السلطان على يوسف البدري الوزير كاملية مخمل أحمر بسمور، وخلع على القاضي شرف الدين الصغير ناظر الدولة، وعلى مقدم الدولة، خلع الاستمرار، ونزلوا من القلعة في موكب حفل، حتى رجت لهم القاهرة في ذلك اليوم.

وفي يوم الخميس المذكور أشيع أن السلطان قبض على جاني بيك الأستادار الذي كان دوادار الأمير طراباي، وان السلطان ندبه بأن يتكلم في الأستادارية نيابة عن الأمير طومان باي الدوادار، فخلع عليه، فلما تكلم في الأستادارية أظهر الظلم والجور، وصار لا يراعي من الأنام خليلا، فعادى سائر الأمراء والعسكر قاطبة بسبب الحمايات وأمور البلاد. فكان يرسم على الأمراء الطبلخانات والعشراوات بسبب الحماية، ويرسل الرسل الغلاظ الشداد إلى بيوت الأمراء المقدمين ويطالبهم بالحماية الطلب العسف، حتى ضج منه الأمراء والعسكر. فكان يأخذ حماية سنة معجلا قبل أن يطلع النيل وكذلك الشياخة، وكان السلطان قربه أولا وصار لا يقبل فيه شكوى، وكان ذلك من أكبر أسباب الفساد في حقه، فلا زال بعض أعدائه يتكلمون في حقه عند السلطان حتى غيروا خاطره عليه بالكلية، فانقلب عليه كأنه ما يعرفه قط. فلما رسم عليه انتدب إلى حسابه نور الدين على البرماوي البرددار بالخدم الشريفة وجماعة من المباشرين، فدققوا عليه الحساب وحاسبوه على الفتيل والنقير والقطمير والقليل والكثير، حتى قيل حاسبوه على ما كان يدخل إليه من الضيافات والتقادم وغير ذلك، فقيل بقوا عليه ثلاثة وثلاثين ألف دينار على ما قيل، واستمر في الترسيم حتى يكون من أمره ما يكون.

وفي يوم الأحد سادسة جلس السلطان بالميدان وحضر عنده قاصد ابن عثمان وسائر الأمراء المقدمين، فجلس قاصد ابن عثمان فوق أمير كبير سودون العجمي بإذن السلطان له، عند السلطان في المقعد، وساق قدامه الرماحة وهم لابسون الأحمر كما يفعلون في لعب الرمح عند دوران المحمل في رجب، وكان لهم مدة طويلة وهم يدمنون في لعب الرمح كما جرت به العادة القديمة، فكان المعلم تمر الحسنى أحد المقدمين الألوف، ويعرف بالزردكاش أيضا، وأما الباشات الأربعة وهم الأمير كرتباي بن قصروه وإلى القاهرة والأمير أزبك بن دولاتباي والأمير إينال الأشقر الأشرفي والأمير مصرباي الأبو بكري، فأظهروا في لعب الرمح الفنون الغربية حتى تحير القاصد من ذلك وتعجب غاية العجب، ثم في أواخر السوق نزل المعلم والباشات الأربعة والأربعون فارسا وباسوا الأرض للسلطان، وقد أحدث ذلك الأشرف قايتباي لما كان يسوق في دوران المحمل فكان ينزل عن فرسه ويبوس الأرض للسلطان خشقدم في وسط الرملة، وكان السلطان قصد سوق الرماحة قدام القاصد عمدا حتى يريه فروسية عسكر مصر، وكان ذلك عين

<<  <  ج: ص:  >  >>