للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الثلاثاء المذكور كان وفاء النيل المبارك، أوفى بعد الظهر، وعلق الستر على شباك القصر الذي أنشأه السلطان على بسطة المقياس، وقد أوفى الله الست عشرة ذراعا وأصبعين من سبع عشرة، ووافق ذلك ثاني عشرين مسري، وقد أبطأ هذا النيل عن نيل السنة الماضية بسبعة أيام، وكانت الناس بسببه في غاية الاضطراب.

وفي يوم الأربعاء رابع عشرينة، الموافق لثالث عشرين مسري، فتح السد وكان يوما مشهودا قل أن يقع مثله في الفتك والفرجة، ورسم السلطان للأتابكي سودون العجمي بأن يتوجه ويفتح السد على العادة، فكان له في ذلك موكب حافل، وخلع عليه السلطان فوقاني أخضر بطرز يلبغاوي عريض، وحصل للناس غاية الجبر بكسر السد في ذلك اليوم. وقد قيل في المعنى:

كسر الخليج وكان ذلك نعمة … سرت قلوب العالمين لبشره

ومن العجائب والغرائب أنه … جبرت قلوب المسلمين لكسره

وقيل في المعنى أيضا:

أرى نيل مصر قد غدا يوم كسره … إذا رام جريا في الخليج تقنطرا

ولكن بعد الكسر زاد تجبرا … وأفرط هجما في القرى وتجسرا

ووافق أن النيل زاد بعد فتح السد بيومين عشر أصابع في دفعة واحدة، ثم في اليوم الثالث من فتح السد زاد الله في النيل المبارك إحدى عشرة أصبعا في دفعة واحدة، ثم في اليوم الخامس من فتح السد زاد سبع أصابع فزاد ست عشرة أصبعا من ثماني عشرة ذراعا وذلك في أواخر مسري بعد الوفاء بخمسة أيام، فعد ذلك من النوادر.

وفي يوم الاثنين ثامن عشرينة خرج جماعة كثيرة من المماليك السلطانية المعينين إلى التجريدة، وقد رسم لهم السلطان بأن كل من انتهى شغله يخرج ويسافر قبل الباش، فخرجوا أفواجا أفواجا واستمروا على ذلك في كل يوم تخرج منهم جماعة بعد جماعة.

*****

وفي رجب كان مستهل الشهر يوم الثلاثاء، فجلس السلطان في الميدان، وطلع إليه الخليفة والقضاة الأربعة يهنونه بالشهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>