هي الدار ما الآمال إلا فجائع … عليها ولا اللذات إلا مصائب
فكم سحت بالأمس عين قريرة … وقرت عيون دمعها اليوم ساكب
فلا تكتحل عيناك فيها بعبرة … على ذاهب منها فإنك ذاهب
وكان سبب نكبة ابن عوض قيل: وقع بينه وبين الأمير خاير بيك كاشف الغربية من أجل ابن جميل أحد مشايخ الغربية، فطلع خاير بيك وشكا ابن عوض إلى السلطان، وبالغ في شكواه حتى غير خاطر السلطان عليه. وقيل: إن خاير بيك قال: أنا أثبت في جهة ابن عوض مائة وخمسين ألف دينار.
وفي يوم الخميس المقدم ذكره صنع السلطان وليمة حافلة بالمقياس. واجتمع بها القضاة الأربعة وأعيان الناس من العلماء وغير ذلك، ومد هناك الأسمطة الحافلة، واجتمع هناك قراء البلد قاطبة والوعاظ وكانت ليلة حافلة. والسلطان كل سنة يصنع مثل ذلك بالمقياس قرب وفاء النيل.
وفي سنة عشر وتسعمائة صنع وليمة بالمقياس مثل هذه فزاد الله تعالى في النيل المبارك تلك الليلة خمسين أصبعا دفعة واحدة، فعد ذلك من النوادر.
وفي يوم الاثنين ثاني عشرين حضر إلى الأبواب الشريفة الأمير طومان باي الدوادار، وكان له مدة وهو مسافر في الصعيد بسبب ضم المغل.
فلما كان يوم الأحد بلغ السلطان وصوله إلى الجيزة فنزل إلى المقياس ولاقاه من هناك، وكذلك قاصد ابن عثمان. فلما طلع إلى القلعة يوم الاثنين المذكور خلع عليه السلطان خلعة حافلة، ونزل من القلعة في موكب مشهود، وصحبته سائر الأمراء المقدمين والمباشرين وأعيان الناس، واستمر على ذلك حتى دخل إلى داره. وخلع عليه السلطان في ذلك اليوم فوقاني أخضر بطرز يلبغاوي عريض. ومشت الأفيال وهي مزينة قدامه في ذلك الموكب وشق في الصليبة.
وفي يوم الثلاثاء ثالث عشرينة توفي الأمير ماماي جوشن أحد الأمراء المقدمين الألوف، وكان رئيسا حشما جميل الهيئة قليل الأذى بين الأمراء، ومات وهو في عشر الستين، وقيل أصله من مماليك الظاهر خشقدم من كتابيته، واشتراه الأشرف قايتباي من بيت المال وأعتقه فهو من جملة معاتيق الأشرف قايتباي ومن مماليكه، فلما بلغ السلطان وفاته نزل وصلى عليه، وكانت جنازته مشهودة رحمة الله تعالى عليه.