بن تمرلنك، فلما حضر أنزله في مكان بالقرب من بين القصرين. وكان شاه روخ أرسل إلى الملك الظاهر على يد هذا القاصد تقدمة حافلة، فلما طلع القاصد إلى القلعة أدخله السلطان إلى البحرة، فأبطأ عند السلطان، فأشيع في القلعة أن السلطان قد قبض على القاصد، فنزلت المماليك الجلبان من الطباق وتوجهوا إلى المكان الذي نزل به القاصد فنهبوا كل ما كان فيه. والتف عليهم السواد الأعظم من العوام فلم يبقوا للقاصد شيئا، وأخذوا التقدمة التي كانت للسلطان حتى أخذوا خيولة.
ولما بلغ الملك الظاهر ذلك نتف لحيته بيده ورسم لحاجب الحجاب وقراجا الوالي بأن يدركوا رد الناس عن النهب، فنزلوا من القلعة على حمية فلم يردوا من النهب إلا بعض شيء وراحت على من راح. فقبض الوالي على جماعة كثيرة من العوام وضربهم بالمقارع، وشيء قطع أيديهم، وكادت القاهرة أن تخرب في ذلك اليوم لهذه الواقعة. ثم إن الملك الظاهر بعث يعتذر إلى القاصد مما جرى وأن ذلك من غير علمه، ثم أرسل إلى القاصد عشرة آلاف دينار أكثر مما نهب له، وصار القاصد كلما شق من القاهرة يسبه جماعة من العوام ويبهدلونه، وما قاسى خيرا من أهل مصر.
وفي يوم السبت ثالث عشرة فيه وقعت حادثة غريبة، وهي أن شخصا يهوديا يقال له خضير، وكان بالصليبة، وهو يدعى الطب، فتوجه إلى عليل من أولاد الناس فوصف له حقنة، فلما احتقن مات عقيب الحقنة بيومين. فقبضوا على ذلك اليهودي وتوجهوا به إلى شاد الشراب خاناه، فقيل أنه من خوفه قصد أن يسلم، ثم رجع إلى دينه، ولم يثبت عليه قتل ذلك العليل وادعى أن العليل كان قد ضربه الخمر على قلبه فمات عقيب الحقنة بأجله، فلم يثبت على اليهودي قتله. وقيل أن اليهودي غرم مبلغا له صورة، وأدبوه ثم خلص من القتل وراح القتل في كيس العليل. وقد قيل في المعنى:
ليت شعري وللزمان خطوب … وبلاء يختص بالأحرار
هل لميت قضي عليه طبيب … من كفيل أو آخذ بالثأر
وفي يوم الأحد رابع عشرة أرسل السلطان النفقة إلى الأمراء الطبلخانات والأمراء العشراوات المعينين إلى التجريدة، وذلك على جاري العادة.
وفي يوم الأحد المذكور كانت وفاة القطب العارف بالله تعالى الوالي الزاهد المجذوب الشيخ محمد بن زرعة الأحمدي البدرشيني ﵁. وكان من أعيان الأولياء، وله كرامات خارقة ومكاشفات صادقة، ومات وهو في عشر السبعين، وكانت جنازته مشهودة