فلما عزل جاني بك من التحدث في الأستادارية كثرت فيه المرافعات وقال له السلطان: أقم الحساب بما قبضته من الأموال في مدة تحدثه في الأستادارية على ما قيل، ومن نوقش الحساب عذب.
وقيل: إن جاني بك لما رأى أن الأمير طومان باي الدوادار محطا عليه سأل السلطان وباس رجله بأن يعفيه من التحدث في الأستادارية، ولا زال يقسم عليه حتى أعفاه من التحدث في الأستادارية، ولما عزل جاني بك وقف على البرماوي برددار السلطان والتزم بالسداد على الجهات التي كان جاني بك متحدثا عليها وضمن ذلك. فقصد السلطان أن يخلع عليه فقال له:"ما ألبس خلعة حتى يجيء الأمير الدوادار". واستمر متحدثا في الأستادارية عوضا عن جاني بك بحكم انفصاله عنها.
وفي يوم السبت ثامنه نزل السلطان إلى قبة الأمير يشبك التي بالمطرية وبات بها وأقام يومين، وسبب ذلك أن السلطان أنشأ هناك فساقي وقد تقدم ذكر ذلك، فأطلق فيها الماء في ذلك اليوم، وانشرح السلطان لذلك إلى الغاية.
وفي يوم الاثنين عاشره خلع السلطان على الزيني بركات بن موسى وقرر في أستادارية الذخيرة، عوضا عن شمس الدين بن عوض بحكم انفصاله كما تقدم. فنزل من القلعة في موكب حفل وقدامه أعيان المباشرين، ورسم له السلطان بأن ينادي قدامه أن لا أحد من الناس يحتمي عليه ولا يتجاها. فتزايدت عظمة الزيني بركات وصار محتسبا وأستادار الذخيرة الشريفة وغير ذلك من الوظائف السنية. وكان الزيني بركات له سعد خارق وهو مسعود الحركات في أفعاله محببا للناس، وأشيع بين الناس أن الزيني بركات تسلم ابن عوض على مائة وخمسين ألف دينار، فشرع في عقابه وضربه وعصره كما سيأتي الكلام على ذلك في موضعه.
وفي يوم الجمعة ثاني عشرينه خرج أينال باي دوادار سكين صحبة قاصد ابن عثمان، وقد تقدم القول على أن السلطان عين أينال باي بأن يخرج صحبة القاصد ويقف على صحة الأخبار في أمر ابن عثمان والصفوي ويرد الجواب على السلطان بسرعة، وقرر معه لا يبطئ عليه بالخبر غير مسافة الطريق، وأنعم عليه بخمسمائة دينار، وقد تقدم القول على ذلك.
وفي يوم الخميس ثالث عشره جلس السلطان على المصطبة التي بالحوش ونصب السحابة وأمر بعرض العسكر، وعين تجريدة كبيرة إلى حلب يقيمون بها حتى يروا ما يكون من أمر ابن عثمان والصفوي، وعين في ذلك اليوم تجريدة أخرى إلى نحو بلاد الهند بسبب تعبث الفرنج هناك كما تقدم، وعين جماعة من أولاد الناس وغيرهم من