لأجل عمل يرقه، فخرج في ذلك اليوم على جرائد الخيل وقرر معه السلطان أياما معدودة ويرد عليه الجواب عن الأخبار الصحيحة عن مشى ابن عثمان على الصفوي، فخرج قاصد ابن عثمان وأينال باي في ذلك اليوم.
وفي يوم الاثنين خامس عشرينه خلع السلطان على شخص من أولاد ابن رمضان أمير التركمان يقال له: سليم بك، فخلع عليه وقرره في إمرة التركمان عوضا عن ابن عمه محمود بك في إمرة شقر أباه.
ومن الحوادث أن شخصا خياطا يقال له: نجا بن تمساح زنق صبيا صغيرا عمره نحو عشر سنين، فزنقه في بيت في الجزيرة الوسطى فاستغاث الصبي فذبحه ذلك الخياط ورماه في بئر، فلما شاع أمره قبضت أم الصبي على الخياط وعرضته على السلطان فاعترف بقتل الصبي، فرسم السلطان بشنق ذلك الخياط في المكان الذي قتل فيه الصبي وقيل: رسم السلطان بأن تقطع محاشمه وتعلق في عنقه وهو مشنوق ففعلوا به ذلك، وقد تقدم مثل هذه الواقعة لشخص طحان ورسم السلطان بأن يخوزقوه فخوزقوه في المدابغ وقد تقدم القول على ذلك.
وفي يوم الثلاثاء سادس عشرينه طلع ابن أبي الرداد ببشارة النيل، وأخذ القاع فجاءت القاعدة ست أذرع واثني عشر أصبعا، وكانت في العام الماضي أرجح من ذلك، وكان زيادته في أول يوم خمس أصابع. وفي يوم الثلاثاء المذكور كانت وفاة القاضي فخر الدين والد القاضي شرف الدين الصغير ناظر الدولة وكاتب المماليك. وكان القاضي فخر الدين هذا من أعيان المباشرين وباشر ديوان قاني باي أمير آخور كبير وغيره من الأمراء، وكان رئيسا حشما لا بأس به بين المباشرين.
*****
وفي جمادى الأولى كان مستهل الشهر يوم السبت، فجلس السلطان بالميدان وطلع الخليفة والقضاة الأربعة وهنوه بالشهر.
وفي ذلك اليوم كان ختام ضرب الكرة وختام خصمانية لعب الرمح، فلما انقضى ضرب الكرة طلع السلطان إلى الحوش وجلس بالمقعد الذي به ومد هناك للأمراء مدة حافلة وما أبقى ممكنا من المآكل الفاخرة، ومد عدة طواري مؤنقة ما بين حلوى وفاكهة وسكر حريف وبطيخ صيفي وأجبان مقلى وجلاب وغير ذلك من المآكل، وأحضر الأفيال الكبار والسباع والثيران والكباش برسم النطاح فتناطحوا بين يدي السلطان، وأقام هناك إلى بعد العصر وعنده الأمراء مجتهدين، وكان يوما مشهودا.