للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه جاءت الأخبار من مكة المشرفة بأن في حادي عشر صفر وقع سيل عظيم حتى دخل إلى الحرم، ووصل الماء إلى عتبة البيت الشريف وغطى الحجر الأسود ومقام إبراهيم، وهدم عدة دور بمكة وغرق فيه من الناس ما لا يحصى، وكان أمرا من الأمور المهولة، وتقدم القول على أن في دولة الأشرف قايتباي وقع مثل هذا السيل بعينه حتى عام المنبر الذي بالحرم وامتلأت بئر زمزم بالماء وكان أيضا أمرا مهولا.

وفيه رسم السلطان للشهابي أحمد ناظر الجيش المنفصل بأن يطلع إلى الخدمة في كل يومي اثنين وخميس ويقف فوق ناظر الجيش عبد القادر القصروي، فاستمر على ذلك مواظبا للخدمة وهو منفصل عن نظر الجيش، ولم يعلم ما قصد السلطان بذلك.

وفي يوم الجمعة خامس عشره توفي لقاضي رضي الدين الإسحاقي أحد نواب المالكية، وكان موته فجأة، وكان رئيسا حشما من أعيان الناس، وكان لا بأس به في نواب المالكية.

وفي يوم السبت سادس عشره ضرب السلطان الكرة بالميدان، ثم بعد ذلك رسم للأمراء بأن يتخففوا من ثيابهم، ثم دخل هو وإياهم في البحرة التي في الميدان وخلا بهم وضربوا مشورة في أمر التجريدة، فوقع الرأي من الأمراء بأن العسكر يخرج من مصر ويقيم في حلب حتى يظهر ما يكون بين ابن عثمان والصفوي من الفتن، وأن العسكر لا يدخل بين الفريقين حتى يبدو من أحدهما الغدر إلى عسكر مصر، فأقام عند السلطان الأمراء في هذه المشورة إلى بعد الظهر، وانفض المجلس على ما ذكرناه من خروج العسكر من مصر ويقيم بحلب يحصنها من العدو حتى يكون من هذه الفتنة التي بين ابن عثمان وبين الصفوي ما يكون، فانفض المجلس على ذلك.

وفي يوم الثلاثاء تاسع عشره طلع الأمير أقباي الطويل القاصد بتقدمة حافلة إلى السلطان ما بين خيول ومماليك وسلاح وقماش وغير ذلك أشياء فاخرة، وقيل: ذهب عين ما يعلم قدره وقد اختلف فيه.

أقول ولما صار شمس الدين بن عوض من جملة الرؤساء لم يخرج عن طبع الفلاحين الذي ربي عليه، فكانت عمامته عمامة الفلاحين وكلامه كلام الفلاحين كأنه فلاح قحف كما جاء من وراء المحراث ولم ينطل في رياسته، فكان كما يقال:

ورب قحف قد أتى … لنا به الدهر غلط

سألت عنه قيل لي … هذا من النخل سقط

وقال آخر في المعنى:

ففيه ريف يقول: إني … برعت في العلم والرواية

<<  <  ج: ص:  >  >>