للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان المماليك الأجلاب عولوا على نهب بيوت الأمراء والمباشرين ونهب أسواق القاهرة والدكاكين وحرق البيوت. فلطف الله تعالى وجاء الأمر إلى سلامة ولله الحمد، ولو فعلوا ذلك لطلع ذلك من أيديهم وما كانت تنتطح في ذلك شاتان، ولكن الله سلم.

وفي يوم الاثنين حادي عشرينه كان أول الخماسين وهو يوم عيد النصارى وفطرهم.

وفي يوم الاثنين ثامن عشرينه طلع الجناب الشرفي يونس ولد الأتباكي سودون العجمي إلى القلعة، فخلع عليه السلطان كاملية مخمل أحمد بسمور من ملابيسه، فنزل من القلعة في موكب حافل وقدامه سائر الأمراء من الأكابر والأصاغر، وزينت له دكاكين حارته عند قنطرة سنقر. وكان سبب ذلك أن الشرفي يونس كان مرض مرضا عظيما حتى أشرف فيه على الموت، ثم بعد ذلك بعث الله تعالى له بالشفاء فشفي من ذلك العارض وطلع إلى القلعة، وكان له يوم مشهود، وكان قبل ذلك أنعم عليه السلطان بإمرة عشرة وصار من جملة الأمراء العشراوات.

وفي ذلك اليوم أنفق السلطان الجامكية على عسكر الطبقة الخامسة. وحدث في ذلك اليوم نادرة غريبة، وهي أن المماليك الأجلاب وقفوا في الحوش وصار كل من قبض الجامكية من عسكر الطبقة الخامسة يأخذون منه أشرفيا من الجامكية ويقولون له: "نشرب به أقسمة". فيأخذون منه الأشرفي طوعا أو كرها، فحصل لعسكر الطبقة الخامسة في ذلك اليوم من المماليك الجلبان غاية البهدلة وما قدر السلطان على منعهم من ذلك، وصاروا يخطفون الجامكية من يدي من يقبضها، فمنهم من يأخذ منها أشرفيا ويعيد الباقي إلى أصحابه، ومنهم من يأخذ الجامكية كلها ويهرب، فأعيا أمرهم الرءوس النوب، وحصل في ذلك اليوم غاية الضرر لعسكر الطبقة الخامسة.

*****

وفي ربيع الأول كان مستهل الشهر يوم الأربعاء، فطلع الخليفة والقضاة الأربعة للتهنئة بالشهر واتفق أن ذلك اليوم كان أول بشنس من الشهور القبطية فوافق أن الشهر العربي والقبطي كانا في يوم واحد، فعد ذلك من النوادر.

وفي يوم الخميس ثانيه خلع السلطان على القاضي شرف الدين الصغير وأعاده إلى نظر الدولة وكتابة المماليك كما كان أولا، وجعل له التكلم في ثلث الوزارة مع يوسف البدري المتولي للوزارة فتضاعفت عظمة القاضي شرف الدين الصغير إلى الغاية، وكانله مدة طويلة وهو بطال مختف في داره حتى رضي عليه السلطان وأعاده إلى وظائفه، وقيل: سعى في ذلك بثمانية آلاف دينار وخمسة آلاف أردب شعير، فلما خلع عليه نزل

<<  <  ج: ص:  >  >>