والمباشرين، وكان الأتابكي سودون العجمي ابنه ضعيف على خطة فدخل قبل السلطان واشتغل بولده، وكان السلطان ألبس الأمراء المقدمين الذين كانوا صحبته كوامل مخمل أحمر بسمور، وشيء كوامل صوف بسمور.
فلما تحقق الناس دخول السلطان اصطفوا له على الدكاكين بسبب الفرجة، واصطفت له الطبول والزمور على عدة دكاكين من القاهرة، فشق من القاهرة وقدامه طبلان وزمران والنفير السلطاني، وقدامه عدة نوب هجن فيها أربعة نوب بأكوار زركش والبقية بأكوار مخمل ملون. وكان قدامه من الجنائب نحو أربعين فرسا بعضها بكنابيش زركش وسروج مغرق. وكان من جملة الجنائب بغال وحجورة بسروج بداوي وركب بداوي فعد ذلك من النوادر.
وكان قادمه عشر كاشات بأغطية حرير أصفر. وكان قدامه محفة على بغال بغشي حرير أصفر. فلما مشى الطلب والجنائب والأمراء جاء بعدهم السلطان وقدامه الخاصكية مشاة ورؤوس النوب والشبابة السلطانية والشعراء. وكان لابسا تخفيفة صغيرة ملساء وعليه سلاري صوف أبيض بوجه صوف أخضر، فشق القاهرة في ذلك الموكب وكان له يوم مشهود، وارتفعت الأصوات له بالدعاء، فطلع من على سويقة العزي من على مدرسة السلطان حسن، وشق الرملة ثم دخل من باب الميدان بعد أن سلم على القضاة والأمراء وانفض ذلك الموكب. فكانت مدة غيبته في هذه السفرة ذهابا وإيابا ثمانية أيام منها إقامته في السويس ثلاثة أيام.
وفي يوم الاثنين رابع عشره جلس السلطان بالميدان جلوسا عاما وحكم بين الناس إلى قريب الظهر، وكان له مدة طويلة لم يحكم بين الناس من قبل أن يتوجه إلى السويس.
وفي ذلك اليوم رسم بتوسيط شخصين من الغلمان قد سرقوا زرديتين لأستاذ بينهما في هذه السفرة، فوسطهما في الرملة عند سوق الخيل.
وفي يوم السبت تاسع عشره فيه ثارت فتنة كبيرة بالقلعة من المماليك الأجلاب، ومنعوا الأمراء من الطلوع إلى القلعة، ونهبوا الدكاكين التي في خرائب التتر، ونزلوا إلى بيت الأمير طومان باي الدوادار وأركبوه من بيته غصبا، وطلعوا به إلى القلعة وقالوا له:
قل للسلطان ينفق علينا كما أنفق على الأمراء الذين سافروا صحبته إلى السويس.
فاستمرت المماليك ثائرة بالقلعة، وكثر القال والقيل بين الناس بسبب ذلك، وأغلقوا باب السلسلة وباب الميدان في ذلك اليوم، وكان العسكر قاطبة له أربعة أشهر لم يصرف لهم فيها لحم ولا عليق.