للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مملوك جامكية أربعة أشهر، واستحثهم في سرعة الخروج صحبة قاصد ملك الهند الذي حضر قبل تاريخه.

وفيه ظهر القاضي تقي الدين بن الرومي الحنفي وكان له مدة وهو مختف بسبب ما وقع له من أمر الواقع الكفري الذي وقع فيه، وكان السلطان متطلبه طلبا حثيثا، فلما أفرج السلطان عن المسجونين ظهر في هذه الحركة وقابل السلطان فعفا عنه.

وفي يوم الخميس رابعه شاوروا السلطان في إعادة الدكك التي كانت على أبواب الأمراء الحكام، وكان السلطان لما تزايد أمر الطاعون رسم بشيل الدكك من على أبواب الأمراء كما تقدم، فلما شاوروا السلطان على ذلك قالوا له: "السلطان ما بيحكم شيء والأمراء ما بتحكم شيء وضاعت حقوق الناس عليهم". فعند ذلك أشهر المناداة في القاهرة بإعادة الدكك على أبواب الحكام، وأن النقباء والرسل لا يجورون على الأخصام في غرامتهم لهم على حق طريقهم، ولكن المجامعة والمشاهرة التي كانت على الحسبة استمرت بطالة، وكذلك المكوس التي كانت على القمح والبطيخ وسائر الغلال أبطلها جميعها، فيا ليت شعري هل يتم ذلك أم لا!

ثم نادى في القاهرة أن كل من قهر أو ظلم فعليه بالأبواب الشريفة، وأن لا ظلم اليوم.

فارتفعت الأصوات له بالدعاء من الخاص والعام، وتمنى كل أحد له البقاء على الدوام، فكان كما يقال في المعنى:

لم يبق للجور في أيامكم أثر … إلا الذي في عيون الغيد من حور

فلما أظهر السلطان العدل شفعوا عنده في الناصري محمد ابن بنت جمال الدين، وكان السلطان تغير خاطره عليه بسبب واقعة ابن قجق فرسم السلطان بنفيه إلى الواح. فلما شفعوا فيه رسم بإحضاره إلى مصر، ثم رسم بإحضار يشبك حبلص الأينالي وكان نفاه إلى الصعيد بسب الأتابكي قيت الرحبي كونه كان عشيره، ورسم بإحضار إبراهيم بن السكر والليمون وكان تغير خاطر السلطان عليه ورسم بنفيه إلى مكة، فلما شفعوا فيه رسم بعوده إلى مصر.

ومما فعله من وجوه البر والإحسان أن وقف له القاضي فخر الدين بن العفيف الذي كان كاتب المماليك، فلما وقف له شكا له من ضيق حاله فرسم له بجامكية ألفي درهم في كل شهر وزبديتين لحم في كل يوم، ورسم بإعادة جامكية الناصري محمد بن الشهابي أحمد بن أسنبغا الطياري الذي كان أمير شكار وكان تغير خاطر السلطان عليه ورسم

<<  <  ج: ص:  >  >>