للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الثلاثاء رابع عشرينه جلس السلطان في القبة الأشرفية وحضر عنده الأتابكي سودون العجمي وعلم على المراسيم وحكم وهو جالس في الشباك، وأظهر أنه قد شفي من ذلك العارض وإلا لما حاذر على عينه الأخرى التي كان ينظر بها، وفي هذه الواقعة يقول محمد بن قانصوه بن صادق:

شفاك الله يا ملك البرايا … من الداء الموكل بالعيون

وأذهب عنهما باللطف منه … سقاما محدثا رخو الجفون

لتبقى في هناء بها قريرا … قريبا والتحرك في سكون

بمن لقتادة قد رد عينا … وقال كأختي في الحسن كوني

ومن رمد بتفلته عليا … شفي في الحالي من ألم مبين

ثم أن جماعة من الكحالين قالوا للسلطان: ما تصح عينك حتى تقطع ما طال من جفنك، فامتنع السلطان من ذلك فأحضروا قدامه أربع أنفس بهم رخو في جفونهم، وكان فيهم شخص يسمى سيدي محمد بن منكلي بغا فقصوا جفنه بحضرة السلطان على أنه يشجعه على ذلك، فلم يوافق السلطان على القص، فأقام الناصري محمد بن منكلي بغا أياما وشفي مما كان به في عينه وطلع إلى السلطان فرأى عينه وقد طابت.

وفي يوم الأربعاء خامس عشرينه تزايد الأمر في الإشاعة بالركوب على السلطان، فلما بلغ السلطان ذلك نزل الميدان وجلس به وأرسل خلف الأمراء قاطبة، فلما طلعوا إليه وبخهم بالكلام وقال لهم: "ما هذه الإشاعة التي تبلغني عنكم في أمر الركوب عليّ؟ إن كان عندكم من تسلطنوه فأنا أخلي لكم القلعة وأنزل أقعد في جامعي إلى أن أموت"، فقام له الأمراء قاطبة وباسوا له الأرض واستغفروا له، ثم التفت إلى الأمير أركماس أمير مجلس ووبخه بالكلام ثم قال له: "الزم بيتك". والتفت إلى قاني باي قرا أمير آخور كبير ووبخه بالكلام وأغلظ عليه في القول لأمر بلغه عنه في أمر الركوب، ثم التفت إلى الأمير أنص باي والأمير تمر والأمير سودون الدواداري والأمير علان ووبخهم بالكلام لأمر بلغه عنهم، ثم أن المماليك الجلبان صارت متقحمة على مسك الأمراء في ذلك اليوم، فما

<<  <  ج: ص:  >  >>