للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا زال ينظر أخذ أرزاق الورى … حتى أصيب بآفة في عينه

وفيه شاوروا السلطان على إعادة الدكك التي على أبواب الحكام فلم يوافق على إعادتها، وقال: "أنا تركت ما كان على الحسبة من المجامعة والمشاهرة وكانت بنحو ثلاثين ألف دينار في كل سنة، فكيف ما تبطل الأمراء ما كان يحصل لهم من أمر الدكك؟ ".

وكان الطعن قد أخذ في التناقص قليلا.

وفي يوم الاثنين سادس عشره أنفق السلطان الجامكية على العسكر.

وفي ذلك اليوم طلع ابن أبي الردادر ببشارة النيل، وجاء القاع ست أذرع وست عشرة أصبعا، فلما أنفق السلطان الجامكية لم يحضر تفرقة الجامكية إلى آخرها، وكان ذلك اليوم في غاية التشويش من عينه.

وفيه توفي شخص كامن العوانية الخوارج، يقال له: محمد بن طاهر، يرافع الناس عند السلطان، فلما وقع الطاعون بمصر طعن ابن طاهر هذا ومات بالطعن، فأراح الله تعالى المسلمين منه، فعد موته من حسن الزمان.

ومما وقع له في المرافعة أنه رافع امرأة جارية بيضاء يقال لها: زوجة أينال باي، وكانت ساكنة في درب الحجر بالقرب من قنطرة سنقر، فرافعها بأن عندها مالا وديعة لبعض الأمراء فطمعت عليه، فلما سمع السلطان ذلك أرسل قبض على تلك الامرأة ورسم عليها عشرة آلاف دينار، فباعت جميع ما تملكه وأوردت من ذلك شيئا، فلما رأت أنها لم تقدر على ما قرر عليها من المال وصارت في الترسيم شنقت نفسها بيدها تحت الليل، ووقعتها مشهورة بين الناس، ولو عاش ابن طاهر هذا لظهر منه للناس غاية الضرر، فعجل الله تعالى بروحه إلى النار، كما يقال:

زبانية النيران تكره وجهه … ومنه استعاذت مذ رأته جهنم

ويقال: إن ابن طاهر هذا كان من أقارب ابن علم الدين رأس باش الأوجاقية.

وفي يوم الاثنين ثالث عشرينه قويت الإشاعة بالركوب على السلطان، ولم يفتح في ذلك اليوم باب السلسلة ولا باب المدرج ولا باب الميدان، ووزعت الأمراء قماشهم وغالب الناس، واضطربت الأحوال على السلطان وضاق به الأمر حتى صار يدعو على نفسه بالموت. ثم أن السلطان أرسل خلف الأتابكي سودون العجمي وبقية الأمراء. فلما طلعوا

<<  <  ج: ص:  >  >>