للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه صلى السلطان صلاة الجمعة ودخل إلى الدهيشة واجتمع هو والأمراء وضربوا معه مشورة في أمر الفرنج الذين تسلطوا على جهات اليمن، فأشيع بين الناس أن السلطان عين في ذلك اليوم أربع تجاريد إلى جهات معلومة، فأقام الأمراء عند السلطان في ضرب هذه المشورة إلى قريب العصر وتخففوا من ثيابهم، وكان مجلسا حافلا، ووقع فيه بعض جدال بين السلطان وبين الأمراء بسبب من يسافر منهم.

وفيه تزايد أمر الطاعون وفتك في الناس فتكا ذريعا، حتى بلغت ورقة التعريف في يوم واحد ثلاثمائة وخمسة وستين إنسانا، خارجا عمن يخرج من المغاسل والأسبلة، فيقال إن ورقة التعريف في أيام الفصول الواحد فيها بعشرة، فعلى هذا يقاس أن كان يموت في كل يوم ثلاثة آلاف وكسور، وصار يزيد يوما وينقص يوما، وكان أكثر فتكه في الجواري والعبيد والمماليك والأطفال.

وفيه توفي شخص من الأمراء العشراوات يقال له ورديش بن قانصوه، وتوفي سيدي يحيى بن تاني بك قرا الأينالي أمير مجلس كان، وكان شابا لا بأس به، فكان بينه وبين وفاة أخيه سيدي محمد ثماني سنين.

وفيه توفي شخص من الأمراء العشراوات يقال له: تمراز بن أقباي.

وفيه توفي شخص من أولاد ابن قرمان أمير التركمان يقال له مصطفى بن حمزة، وكان مقيما بمصر فمات بالطاعون.

وفيه سرقت عملة ثقيلة من بيت الشهابي أحمد بن الجيعان، وكانت عملة بنحو خمسة آلاف دينار، فاتهموا بها جماعة من الجيران منهم ابن أينال باي دوادار سكين وجماعة من الغلمان، فلما بلغ السلطان ذلك رسم للوالي بأن ينزل إلى بيت ابن الجيعان ويحرر أمر هذه العملة ويفحص عمن فعل ذلك، فلما حضر الوالي إلى هناك وحزق على جماعة ممن اتهم بذلك فظهر من تلك العملة أشياء كثيرة، منها بشبخاناه عنبر ومخدات عنبر وصحون صيني ونحاس أصفر مكفت وفواتي مقفولة لم يعلم ما فيها، وغير ذلك من مقاعد وألحفة، واستمر الوالي يحضر في كل يوم إلى هناك ويقرر من فعل ذلك والعملة يظهر منها شيء بعد شيء، حتى ظهر غالبها في عدة أيام متفرقة.

وفي أواخر هذا الشهر رسم السلطان بإبطال مولد سيدي أحمد البدوي ، وسبب ذلك أن العربان كانت ثائرة في البلاد، والطعن كان عمالا في القاهرة، والأحوال مضطربة من كل وجه ولا سيما بتوعك السلطان بعينه، والإشاعات قائمة بإثارة فتنة كبيرة.

*****

<<  <  ج: ص:  >  >>