للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه كان ما وقع لرئيسة المغاني، وهي امرأة يقال لها هيفة اللذيذة، وقد رافعها بعض أعدائها بأن لها دائرة كبيرة من المال ولها حلة للكرى، فلما سمع السلطان ذلك قبض عليها وأقامت في الترسيم، وعرضت للضرب غير ما مرة، وقرر عليها خمسة آلاف دينار، فباعت الحلي وجميع ما تملكه وأوردت ألف دينار، وقد تكلم لها القاضي بركات ابن موسى بأنها لا تملك غير ذلك، فقرر عليها بعد ذلك خمسمائة دينار ترد في كل شهر مائة دينار على جامكية، وقد طفل السلطان نفسه إلى مصادرات المغاني أيضا، والأمر لله.

وفي يوم الخميس سادس عشرة فرق السلطان الكسوة مع الجامكية، ولكن جعل كسوة أولاد الناس والمماليك العواجز ألف درهم، وصار لا يأخذ كسوة ثلاثة آلاف درهم سوى المماليك القرانصة وجلبانه فقط.

وفي ذلك اليوم حضر سيف نائب كختا، وأشيع أنه مات قتيلا من بعض التراكمة.

وفي يوم الأحد تاسع عشرة نزل السلطان وسير إلى نحو المطرية، ثم دخل من باب النصر وشق من القاهرة ونزل في مدرسته وزار قبر أولاده، ثم عرض الأيتام الذين بالمكتب ورسم لهم بكسوة على العيد، ثم ركب من هناك وطلع إلى القلعة.

وفي يوم الاثنين عشرينة خلع السلطان على الشيخ خليل بن إسماعيل بن شبانة، شيخ عربان جبل نابلس، وقرره على عادته في مشيخته بجبل نابلس، وقد سعى في ذلك بمال له صورة.

وفيه وقعت نادرة غريبة، وهي أن شخصا من النصاري يقال له عبد الصليب، وهو من ناحي دلجة من الجهات القبلية، فقيل عنه أنه وقع في حق النبي ، بكلمات فاحشة. فشهد عليه جماعة بذلك وكتبوا به محضرا وثبت على قاضي الناحية، فلما أحضروا النصراني بين يدي السلطان اعترف بما قاله في حق النبي صلى الله، فعرضوا عليه الإسلام فأبى، فبعثه السلطان إلى بيت الأمير طومان باي الدوادار، فعقد له مجلس فاعترف بين يدي القضاة بما قاله وصمم على ذلك، وقد بايع نفسه على عدم تغيير دينه، فحكم القضاة بسفك دمه، وثبت ذلك على بعض ثواب المالكية فأركبوه على جمل وهو مسمر وأشهروه في القاهرة حتى أتوا به إلى عند المدرسة الصالحية، فضربوا عنقه تحت شباك المدرسة. ثم أن العوام أحضروا له النار والحطب وأحرقوا جثته في وسط السوق، فلما دخل الليل أكل الكلاب عظامه ومضى أمره.

<<  <  ج: ص:  >  >>