وفي أوائل هذا الشهر عز وجود الحطب قاطبة، وصار الناس يقدون الجلة والكرس وقش الغيطان، وتعطلت مطابخ الأمراء بسبب ذلك ولا سيما في رمضان، واستمر الحال على ذلك إلى أواخر الشهر.
وفي يوم الخميس ثاني رمضان حضر إلى الأبواب الشريفة قاص من عند ملك الهند، وصحبته فيلان عظيما الخلقة، وعليهما بركستوانات مخمل أحمر بمسامير كف، وعلى ظهورهما صناجق، وعلى أنيابهما غلوف من الفولاذ، فرجت لهما القاهرة لما دخلوا، وكان السلطان في الميدان فعرضا عليه وقدامهما الطبول والزمور، فتسارع الفيلان قدام السلطان في الميدان، وانشرح في ذلك اليوم إلى الغاية، ثم رسم بأن يتوجهوا بهما إلى بيت الأتابكي تمراز الذي عند القبو فأقاما به، وحضر صحبة القاصد أولاد الخواجا عيسى القاري الذي توفي بمكة، فقرر عليهما مائة ألف دينار، فتشكوا من ذلك فحلف بحق رأسه ما يأخذ منهم إلا مائتي ألف دينار، فرجعوا من عنده وهم في أسوأ حال.
وفي يوم الأربعاء ثامنة نزل السلطان وتوجه إلى نحو المطعم الذي بالريدانية وجلس على المصطبة التي هناك، وأطلقوا قدامه الكلاب والصقورة والفهودة، وانشرح في ذلك اليوم، ثم عاد إلى القلعة من يومه.
وفي يوم الخميس تاسعة خلع السلطان على المقر السيفي طومان باي أمير دوادار وقرره متحدثا على ديوان الوزارة والأستادارية وسائر الدواوين قاطبة، وأشيع أنه بقي نظام المملكة، فتضاعفت عظمته جدا، واجتمع فيه عدة وظائف سنية ولا سيما لكونه قرابة السلطان، فلما نزل من القلعة كان له يوم مشهود، ونزل صحبته سائر الأمراء وأرباب الدولة حتى الفيلين المقدم ذكرهما، وهما مزينان بالصناجق واللبوس، وقدامهما الطبول والزمور.
وفيه حضر إلى الأبواب الشريفة الرئيس حامد المغربي وكان السلطان أرسله إلى بلاد ابن عثمان ليشتري أخشابا وحبالا ومكاحل نحاس. فلما بلغ ابن عثمان مجيئه أكرمه وأرسل صحبته إلى السلطان عدة مكاحل نحاس وحديد وأخشاب وحبال وغير ذلك أشياء كثيرة في مراكب موسوقة.
وفي يوم الجمعة عاشرة حضر على الجركسي قاصدا من عند خاير بك نائب حلب، وكان السلطان أنعم على الجركسي بأمرة عشرة بحلب وجعله حاجبا ثانيا هناك، وذلك لأجل خاطر خاير بك نائب حلب، ويقال أن على الجركسي هذا كان أصل أبيه فرانا، وكان على حسن الشكل فأخذه الأمير خاير بك عنده بجمقدار ورباه صغيرا حتى كبر، فلا زال يرقى حتى بقى حاجبا ثانيا بحلب، والعبد بسعيه لا بأبيه ولا بجده.