وفيه فرق السلطان إطلاقات الطين على الأمراء، ولكن أحدث شيئا ما فعله أحد من الملوك قبله، وهو أنه نقص من إطلاقات الأمراء أشياء كثيرة وأخذ منهم الحلوان زيادة عن العادة، فنقص من إطلاق أمير كبير سودون العجمي مائتي فدان، وكان قبل ذلك سلخ من إقطاعه جهات بنحو من عشرين ألف دينار كون أنه كان لين الجانب فاستضعفه، ونقص من إطلاق بقية الأمراء المقدمين كل واحد مائة فدان، ومن إطلاقات الأمراء الطبلخانات كل واحد عشرين فدانا، ومن إطلاقات الأمراء العشراوات كل واحد خمسة عشر فدانا، وفرق على أصحاب الوظائف لكل واحد أشرفيين، وبقية المماليك كل واحد أشرفيا، وآخرين أشرفيا ونصف.
وفي يوم الثلاثاء ثالث عشرينة نزل السلطان إلى المقياس وأقام به إلى آخر النهار، ومد هناك سماطا حافلا، ثم طلع إلى القلعة بعد العصر.
وفي يوم الخميس خامس عشرينة خلع السلطان على المعلم يعقوب اليهودي، وقرره متحدثا على دار الضرب، كما كان ابن نصر الله الذي تسحب كما تقدم ذكر ذلك، فألبسه كاملية صوف أزرق بسمور ونزل من القلعة وهو في غاية العظمة.
وفي يوم الجمعة سادس عشرينة، الموافق لتاسع هاتور القبطي، فيه قلع السلطان البياض ولبس الصوف.
وفي يوم الأحد ثامن عشرينة نزل السلطان وتوجه إلى المقياس، ثم نزل في خرطوم الروضة ونصب له هناك خياما وأقام إلى أواخر النهار. وانشرح في ذلك اليوم، وكان صحبته ولده المقر الناصري محمد وجماعة من الخاصكية. وأشيع أن خرطوم الروضة أعجبه فأمر أن يبني هناك قصر بأربعة أوجه.
وفي أواخر هذا الشهر لم يعرض السلطان المسجونين الذين في الحبوس على جاري العادة، وكان له عادة يعرض من في الحبوس قبل رمضان بأيام قلائل، ويطلق من المحابيس جماعة، وينعم على المديونين بشيء، ويصالح عنهم الغرماء، ويفعل أشياء كثيرة من هذا النمط، فلم يعمل في هذه السنة شيئا من ذلك وتغافل عن هذا الأمر.
*****
وفي رمضان كان مستهله يوم الأربعاء، فطلع الخليفة والقضاة الأربعة للتهنئة بالشهر، وجلس السلطان في الميدان وعرض عليه الوزير يوسف البدري اللحم والخبز والدقيق والسكر والغنم وغير ذلك، على جاري العادة، وهو مزفوف على رؤوس الحمالين، فخلع الوزير على الزيني بركات بن موسى المحتسب ونزلا من القلعة في موكب حافل.