للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شغل يقتضي قعادة في المقياس ذلك اليوم، فكان يوم تفرقة الجامكية الخامسة التي استجدها.

وفي يوم الثلاثاء ثانية نزل السلطان إلى الميدان وجلس فيه إلى قريب الظهر، ثم طلع إلى الدهيشة فلم يأكل السماط على جاري العادة، وحصل له توعك في جسده ودخل إلى دور الحرم، وأقام فيه يوم الأربعاء والخميس، فكثر القال والقيل بين الناس، وأشيع أنه قد أصابه القولنج. ثم خرج يوم الجمعة وصلى في الجامع فأبطل ذلك القيل والقال.

وفي هذا الشهر قبض السلطان على أقباي كاشف الشرقية ووكل به بالقلعة وتغير خاطره عليه، فنادى في القاهر كل من كان له ظلامة عند أقباي كاشف الشرقية فعلية بالأبواب الشريفة. وكان أقباي أفحش في الشرقية غاية الأفحاش، حتى ضج منه جميع المقطعين وكثرت فيه الشكاوى من العسكر. ثم رسم السلطان بنزوله إلى بيت نقيب الجيش حتى يرضى العسكر فيما أخذه من البلاد غير العادة، فلم يفد من ذلك. وأرضى السلطان بمال وراح على المقطعين ما أخذه من بلادهم عن سنة ثماني عشرة الخراجية معجلا.

وفعل أشياء بالشرقية لم يفعلها غيره من الكشاف.

وفي يوم الاثنين خامس عشرة خلع السلطان على قانصوه العادلي وقرره كاشف الشرقية عوضا عن أقباي بحكم انفصاله عنها وخلع على جان بلاط الأشرفي كاشف الغربية وأقره على حاله بالغربية، وكان أشيع عزله.

وفي يوم الثلاثاء سادس عشرة رسم السلطان بالأفراج عن شرف الدين يونس النابلسي الذي كان أستادارا وعزل عنها، وقد قاسى شدائد ومحنا، وأقام نحوا من ثلاث سنين وهو في الترسيم بالجامع الصغير الذي هو داخل الحوش السلطاني، وربما كان في الحديد في هذه المدة، وضرب بين يدي السلطان غير ما مرة، وصودر وقرر عليه مال له صورة يرد منه على الجوامك في كل شهر خمسمائة دينار.

وفيه كانت كاينة الخواجا شمس الدين الحليبي مع السلطان، وسبب ذلك أن السلطان كان صادره مرارا عديدة وأخذ منه جملة مال، فأرسل الحليبي إلى مكة كتابا بخط يده إلى شخص من أصحابه بمكة وذكر فيه ما فعله به السلطان، وأرسل يقول له: "ادع على السلطان في تلك الأماكن الشريفة فإنه ما هو مسلم ولا في قلبه رحمة قليل الدين".

فظفر بعض أعداء الحليبي بهذا الكتاب فأوصله إلى السلطان، فلما قرأه أحضر الحليبي وأطلعه على ذلك الكتاب فأنكر الحليبي ذلك وقال: "هذا ما هو بخطي". فشهد عليه جماعة أن هذا خطه، فرسم السلطان عليه وشكه في الحديد، وقصد عليه أن يثبت عليه كفرا كون أنه عمله قليل الدين وما هو مسلم. ثم آل أمره على أن السلطان قرر عليه مالا له صورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>