للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما تحقق السلطان وفاته بكى عليه وأظهر الحزن والأسف، ثم صلى عليه صلاة الغيبة بالقلعة، فلما شاع الخبر بموته في ذلك اليوم بين الناس صلوا عليه صلاة الغيبة بعد صلاة الجمعة في الجامع الأزهر وجامع الحاكم وجامع ابن طولون وفي جامع السلطان الذي بالشرابشيين وغير ذلك، وقد حزن عليه الناس فإنه كان قامعا للفرنج لا يفتر عن الجهاد فيهم ليلا ولا نهارا، وكن به نفع للمسلمين.

وفي يوم الأحد رابعه أشيع بين الناس بموت أمير مكة الشريف قاتباي، وبموت الشيخ عامر صاحب اليمن وكان من خيار ملوك اليمن، وبموت الخواجا عيسى القاري وكان من أعيان تجار مكة وهو في سعة من المال وله شهرة زائدة.

وفي يوم الاثنين خامسه طلع الأمير بيبرس ابن الأمير أحمد بقر شيخ العرب إلى السلطان وقابله، فخلع عليه ونزل إلى داره، وكان له مدة طويلة وهو عاص على السلطان فقابله في ذلك اليوم.

وفيه طلع الأمير خاير بيك الخازندار أحد الأمراء المقدمين إلى القلعة، فخلع عليه السلطان كاملية بسمور. ونزل إلى داره في موكب حافل وصحبته الأمراء، فزينت له القاهرة، وسبب ذلك أنه كان قد مرض مرضا خطرا وأشرف فيه على الموت ثم شفي من ذلك.

وفي يوم الأربعاء سابعه نزل السلطان إلى المقياس وأقام به إلى بعد العصر، وكان النيل قد قارب الوفاء فزاد في تلك الليلة أربعا وعشرين أصبعا في دفعة واحدة، فتفاءل الناس بنزول السلطان إلى المقياس.

وفي يوم الخميس ثامنه جلس السلطان في الميدان، وأحضر قصاد الصفوي وخلع عليهم كوامل مخمل أحمر كفري بسمور، وعلى بقية جماعته سلاريات صوف مفرية ما بين سمور ووشق وسنجاب، ودفع إليهم جواب كتابهم، ولكن كتب إلى الصفوي في جوابه عبارة ألفاظها يابسة في الكلام، وكان الصفوي أرسل إلى السلطان في كتابه ألفاظا فاحشة فأجابه بمثل ذلك وزيادة، وهذا أول ابتداء وقوع الوحشة بين السلطان وبين شاه إسماعيل الصفوي وكان الصفوي قد حصل منه في حق قاصد السلطان الأمير تمرباي الهندي لما توجه إليه غاية الفحش به.

وفي هذا الشهر وقعت نادرة وهو أن أشيع بين الناس أن رودس قد فتحت على يد المسلمين بحيلة من غير قتال ولا حرب، فقويت الإشاعات بذلك، وهم أن يدق السلطان الكوسات في ذلك اليوم ويزين القاهرة، وكان سبب ذلك أن شخصا من أبناء الشام جاء إلى شخص من مماليك الأمير خاير بيك كاشف الغربية أحد الأمراء المقدمين، وكان هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>