المملوك شادا في بلد تسمى زفتة، فجاء إليه الرجل الشامي ودفع إليه عدة مطالعات، وقال له: هذه من عند الأمير محمد بك قرابة السلطان الذي أشاعوا قتله، وقد ظهر أنه في قيد الحياة وقد تحيل على أهل رودس حتى أخذها منهم وملكها وأسر أهل المدينة بحيلة، وأن الأمير محمد بك قد وصل إلى الطينة وأرسل يطلب فرسا وقماشا، فأخذ المملوك منه المطالعات وحضر إلى عند السلطان، فلما قرأ تلك المطالعة انصاع لذلك الكلام وظن أنه حق، فخلع على ذلك المملوك خلعة، وفرق على الأمراء مطالعاتهم، وهم أن يدق الكوسات لهذا الخبر، وأرسل صحبه ذلك المملوك فرسا وبقجة فيها قماش، وكذلك الأمير طقطباي نائب القلعة، والأمير أنص باي حاجب الحجاب، فأخذ المملوك القماش والخيل ومضى، فأخذ في عقيب ذلك أن هذا الكلام كذب مصنوع، فعين السلطان يحيى بن نكار دوادار والي القاهرة بأن يتوجه خلف ذلك المملوك ويحضره ويحضر الرجل الشامي الذي دفع إليه المطالعات، فغاب أياما وأحضر المملوك وما أخذه من الخيول والقماش، وأحضر ذلك الرجل الشامي الذي جاء بالمطالعة، فلما حضر بين يدي السلطاه حزق عليه بالكلام فاعترف أنه صنع تلك الكتب افتعالا عن الأمير محمد بك، وأن شدة الفقر أحوجته إلى ذلك، فقال له السلطان:"كنت أنت وقفت إلي وطلبت مني شيئا كنت أنعم عليك به"، ثم عراه بين يديه ليضربه بالمقارع فوجد في أجنابه أثر الضرب بالمقارع، فسأله عن ذلك، فاعترف أنه كذب مرة أخرى على خاير بك نائب حلب فضربه بالمقارع وقطع أنفه، ثم أن السلطان ضربه بين يديه وبعثه إلى المقشرة من يومه، واستعاد الخيول والقماش من ذلك المملوك الذي أتى بالمطالعات.
وفيه أنعم السلطان على تمرباي الهندي الذي توجه قاصدا إلى الصفوي بإمرة طبلخاناه، وكان قبل أن يسافر أمير عشرة.
وفي يوم الجمعة تاسعه تلاقى ماء النيل ودخل إلى الزريبة، وكان له يوم مشهود، وكان السلطان في العام الماضي سد خليج الزربية وعمل له جسرا من عند قنطرة موردة الجبس، فلم تسكن بيوت الزربية في العام الماضي، ولم يدخل خليجها المراكب على جاري العادة بالغلال، فوجدوا فم الخليج قد تربى فيه الطين نحوا من سبع أذرع، فرسم السلطان بإبطال ذلك الجسر، ففرح به سكان الزربية.
وفي يوم السبت عاشره خلع السلطان علي قاصد ملك الكرج وأذن له بالسفر إلى بلاده.
وفي يوم الاثنين، ثاني عشره، كان وفاء النيل المبارك، وقد أوفى في أول يوم من مسرى وفتح السد في اليوم الثاني منها، ووقع مثل ذلك في دولة الأشرف قايتباي سنة