وكان حاضرا في المجلس جماعة من الأعيان فطربوا لذلك، ولي فيه قبل ذلك من المديح وقد صرحت باسمه بما وافق التورية في المعنى، وهو قولي:
يا قاضيا شأنه الأسرار يكتمها … لا يعدم الناس جودا فيك موجود
فالناس تحمد من فعل تسود به … وأنت في سائر الأفعال محمود
وفي يوم السبت سادسه نزل السلطان وتوجه إلى المقياس، وصنع له الزيني بركات بن موسى المحتسب طواجن بوري ومأمونية وحلوى وأشياء مؤنقة، فأقام هناك إلى بعد العصر، وانشرح في ذلك اليوم إلى الغاية.
وفي يوم الثلاثاء تاسعه نزل السلطان وتوجه إلى خان الخليلي وكشف على عمارته التي أنشأها هناك ثم عاد إلى القلعة من يومه، وقد أضر الناس كثرة نزول السلطان وتعطلت أحوال الرعية من عدم المحاكمات في أشغال الناس وقد قلت العلامة على المراسيم، فكان السلطان يقعد نحوا من أربعين يوما لا يمسك فيها قلما، ولا يعلم على مرسوم، حتى عزت العلامات جدا وبيعت، وكان السلطان يكره المحاكمات ويكره العاملات على المراسيم، وكان دأبه الركوب في كل يوم والاشتغال برؤية التنزه والرياضات دائما.
وفي يوم الاثنين ثامنه حضر إلى الأبواب الشريفة أبرك نائب طرابلس، وهو من مماليك السلطان، وكان ولي نيابة قلعة حلب، ثم حضر إلى القاهرة في سنة احدى عشرة وتسعمائة، فلما حضر قرره السلطان في شادية الشراب خاناه عوضا عن ولده لما توفي، فأقام بمصر نحوا من شهر وعاد إلى حلب وقرر في نيابة قلعتها، ثم ولي نيابة طرابلس فتغير خاطر السلطات عليه فأرسل خلفه فحضر، فلما قابل السلطان لم يخاطبه ولا خلع عليه، ثم نزل في مكان أعد له.
وفي يوم الاثنين خامس عشرة جلس السلطان في الميدان جلوسا عاما، ثم عرض كسوة الكعبة الشريفة والبرقع ومقام إبراهيم ﵇ والمحمل الشريف، فشقوا بهم من القاهرة، وكان لهم يوم مشهود.
وفيه ظهر بالقبة التي أنشأها السلطان في مدرسته تشقق فاحش حتى آلت إلى السقوط، فأمر بهدمها فهدمت من سفلها، ثم علقوها ورموها رما حافلا، وقد تقدم أن المئذنة التي بالجامع هدمت قبل ذلك وأعيدت ثانيا.