وفي يوم السبت تاسع عشرينه عرض ناظر الخاص خلع العيد على السلطان وهي مزفزفة على رءوس الحمالين، وكانت في هذه السنة في غاية الوحاشة وهي من القماش القطنيات الملون التي مثل العنكبوت وغالبها بلا طرز، ولم يعطوا لأحد عادته غير أصحاب الوظائف فقط، فحل عند الناس كسر خاطر وراحت على من كان له عادة بخلعة في العيد، وكان ناظر الخاص في هذه السنة في غاية الانشحات والمطل للناس.
وفي يوم الأحد، وهو الثلاثون، غمى الهلال ولم ير، وكان في أوائل رمضان جاءت الأخبار بأن أهل الإسكندرية ودمياط والمحلة قد صاموا يوم الجمعة، فكان يمكن أن يجيء رمضان ناقصا بناء على أن غالب البلاد قد صاموا يوم الجمعة، وكان الصيام في مصر يوم السبت، وكان ذكر في التقاويم على أن رمضان يجيء ناقصا فجاء تماما، فقامت الأشلة على قاضي القضاة الشافعي كمال الدين الطويل وقالوا:"قد فطّرنا في أول رمضان وصوّمنا في يوم العيد". وقال:
يا قاضيا بات أعمى … عن الهلال السعيد
أفطرت في رمضان … وصمت في يوم عيد
وقال آخر:
إن قاضينا لأعمى … أم على عمد تعامى
سرق العيد كأن ال - … - عيد من مال اليتامى
وقد وقع مثل ذلك في أيام الهروي وكان سببا لعزله من القضاء.
*****
وفي شوال، كان مستهل الشهر يوم الاثنين، وكان موكب العيد حافلا، فخلع على الأمراء وأرباب الوظائف. وكانت الخلع سبة من السبب، وكان القاضي كاتب السر محمود بن أجا متوعكا في جسده وكان له مدة وهو منقطع في داره فحصل له الشفاء، فدخلت إليه في يوم العيد وسلمت عليه وهنيته بالعيد وبالشفاء وقدمت إليه هذين البيتين وهما:
قد عم بالعيدين فرحات الورى … بشفائكم وبعيد فطر أشرفا