للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رمضان - وكان مستهله يوم السبت - طلع الخليفة والقضاة الأربعة للتهنئة بالشهر، وطلع الوزير يوسف البدري إلى القلعة والزيني بركات بن موسى المحتسب، وطلعوا باللحم والخبز والدقيق والسكر وهو مزفوف على رءوس الحمالين وكان السلطان في الميدان فخلع عليهما، وكان يوما مشهودا.

وفيه وزع السلطان على اليهود السمرة نحوا من سبعين ألف دينار فتشكوا من ذلك، وسبب توزيع هذا المال أن المعلم يعقوب اليهودي لما صادره السلطان قرر عليه مائة ألف دينار فشكا من ذلك وأظهر العجز، فرسم السلطان بأن طائفة اليهود السمرة والربان تساعد المعلم يعقوب في هذه المصادرة، فوزعوا ذلك على السمرة والربان والقراء وجماعة من التجار اليهود، فحصل لهم الضرر الشامل قاطبة، وقيل تضاعفت هذه المصادرة إلى دون المائة ألف دينار.

وفي هذا الشهر جاءت الأخبار من البلاد الحلبية والشامية بأن الموت قد كثر في الأبقار فمات منها ما لا يحصى، وقد وقع مثل ذلك بالديار المصرية في أيام الخلفاء الفاطميين.

وفي يوم الأحد تاسعه نزل السلطان من القلعة وصحبته ولده، فتوجه إلى نحو المطعم السلطاني وجلس على المصطبة التي هناك، فرموا قدامه رماية بالطيور والكلاب وانشرح في ذلك اليوم، وسير إلى قبة الأمير يشبك التي بالمطرية، ثم عاد إلى القلعة من يومه.

وفي يوم الخميس ثالث عشرة حضر إلى الأبواب الشريفة قانصوه خازندار الأمير أزدمر الدوادار الكبير كان، وكان السلطان قرر قانصوه هذا في نيابة عينتاب فسعوا عليه حتى عزل ورجع إلى مصر وهو معزول، بعد أن سعى في ذلك بمال له صورة فأقام مدة يسيرة وعزل عنها.

وفيه تغير خاطر السلطان على الرئيس كمال الدين بن شمس المزين، وكان من خواصه، فمنعه من الطلوع إلى القلعة ورسم له بأن يتوجه إلى بلاده ويقيم بها.

وفي يوم الأحد سابع عشرة توفي الأمير عبد اللطيف الزمام وكان أصله من خدام الأشرف اينال وكان دينا خيرا لين الجانب قليل الأذى، وكان قد كبر سنه وشاخ وناف عن الثمانين سنة من العمر وكان رومي الجنس أبيض اللون طويل القامة نحيف الجسد.

وفي يوم الأربعاء تاسع عشرة تغير خاطر السلطان على القاضي أبي البقاء ناظر الأسطبل ومستوفي الخاص، فوضعه في الحديد وعراه من أثوابه وكشف رأسه وكان ذلك في قوة البرد، فسلمه إلى الوالي في ذلك اليوم ونزل من القلعة وهو ماشي عريان مكشوف الرأس في الحديد، وحلف السلطان بحياة رأسه أنه لا يبلس أثوابه ولا عمامته حتى يغلق

<<  <  ج: ص:  >  >>