وعمر القلعة صارت به … أماكنا عامرة الدور
وقد حوى في مصر من جامع … فرد بذكر الله معمور
والقبة الزرقا وصهريجها … والماء والكيزان والزير
كأن برد الثلج في مائه … لكل عطشان ومحرور
وفي طريق الحج كم منهل … عمره قصدا إلى الخير
وعين بازان جرى ماؤها … تجديدها أمنا من الغور
فالله ينصره ويبقى لنا … أيامه أمنا بلا جور
وصل يا رب على المصطفى … منقذنا من كل محذور
صلاة زيتون يرى نشرها … أطيب من مسك وكافور
والآل والأنصار مع صحبه … أهل الثنا والفضل والخير
ما أقبل الصبح بأنواره … وأدبر الليل بديجور
*****
وفي رجب - في يوم مستهله - توجهت طائفة من المماليك الجلبان إلى شوية السلطان ونهبوا أشياء كثيرة من الشعير، فعتز ذلك على السلطان، وكانت المماليك متقحمة على الشر، وأشيع أمر الركوب وكثر القال والقيل بين الناس بسبب ذلك.
وفي يوم الجمعة ثالثه، الموافق لسابع عشرين توت القبطي، ثبت النيل المبارك على تسع أصابع من عشرين ذراعا، وكان نيلا حدا لكن كان حب البرسيم غاليا وتناهى سعره إلى خمسة أشرفية كل أردب، وارتفع سعر سائر الغلال، واستمر النيل ثابتا إلى أواخر بابه.
وفي يوم الأحد خامسه، قوي أمر الإشاعة بركوب المماليك ووزع التجار ما كان عندهم من القماش وغلقت الأسواق قاطبة، وسبب ذلك أن السلطان رجل عن أمر النفقة بعد أن نادى في القاهرة للعسكر بأن النفقة مع جامكية شهر رجب فلما رجع عن ذلك أشيع أمر الركوب.
وفي يوم الأحد خامسه عرض السلطان المماليك في الحوش وهم مماليكه الجلبان فقط، فلما عرضهم وبحهم بالكلام وقال: أنا أخلع نفسي من السلطنة وولوا من تختارونه، فأقام يعرض المماليك إلى بعد العصر، فآل الأمر إلى أن وقع الاتفاق على أنه ينفق على مماليكه المشتريات فقط وأن النفقة تكون أربعين دينارا. فامتنع المماليك من ذلك، فتكلم بعض الأمراء مع السلطان بأن تكون النفقة خمسين دينارا وهو يقول: "ما أقدر على ذلك"، فانفصل المجلس على أنه ينفق عليهم لكل مملوك خمسين دينارا، ثم إن السلطان شرع في