للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كمن عبد النيران لم ينتفع بها … ولم يلق إلا حرها ودخانها

وفي يوم الأحد عشرينه نزل السلطان وتوجه إلى نحو المطعم السلطاني، فجربوا هناك قدامه عدة مكاحل فصح منها بعض شيء، ثم عاد إلى القلعة.

وفي يوم الثلاثاء ثاني عشرينه توجه السلطان إلى سد أبي المنجا ففتح بحضرته، وكان يوما مشهودا، ثم توجه من هناك ونزل في الحراقة إلى نحو المقياس فمد له هناك الزيني بركات بن موسى المحتسب مدة حافلة فأقام هناك إلى بعد الظهر، ثم نزل في الحراقة وأتى إلى بولاق فكشف عن المراكب التي أنشأها هناك، ثم عزم عليه الأمير خاير بك الخازندار في السبكية التي ببولاق فمد له هناك مدة حافلة، فأقام هناك إلى بعد العصر فركب وشق من على جزيرة الفيل من بين العيطان، واستمر شاققا حتى طلع من على قنطرة باب البحر وشق من المقس، ثم أتى إلى باب القنطرة وكشف على الربعين اللذين أنشأهما هناك، ثم شق من سوق مرجوش إلى القاهرة وخرج من باب زويلة وطلع من هناك إلى القلعة، وانشرح في ذلك اليوم إلى الغاية.

وفي يوم السبت سادس عشرينة رسم السلطان بتوسيط تسعة أنفار، منهم مشايخ عربان ومنهم جماعة كانوا نقبوا حائط المقشرة وقصدوا التسحب من هناك فأدركوهم وقبضوا عليهم، ثم وسطوهم في أماكن شتى.

وفي هذا الشهر عم النيل أراضي الديار المصرية وتطنبت منه الحلجان، وكانت البهجة في هذه السنة للخليج الحاكمي لكون أن السلطان على قنطرة الخروبي وقنطرة باب القنطرة، وصار يدخل من تحتهما المراكب المسترة بالدلور، فصار الناس ينزلون في المراكب ويشقون الخليج الحاكمي إلى عند قنطرة السد ويرجعون، فحصل للمتفرجين بهجة ثانية.

ونظم الشيخ بدر الدين الزيتوني في هذه الواقعة بديعية كلها غرر، وذكر فيها ما جدده السلطان من قناطر وعمائر وغيطان وغير ذلك من التذكار الحسن بالديار المصرية وغيرها من الجهات، كما سيأتي الكلام على ذلك في القصيدة التي نوردها هنا وهي هذه:

قد جدد الغوري سلطاننا … قناطر للأجر والخير

أكرم به من ملك أشرف … مؤيد بالعتز منصور

على الخليج الحاكمي وضعها … قد شاع في طول وتقصير

قناطر الور لقد أقبلت … تزهو ببشنين وفرفور

كذا بنى وايل معمورة … بأمره من غير مأمور

وجددت قنطرة بعدها … بالكحل قد ضاءت من النور

<<  <  ج: ص:  >  >>