وفي جمادى الآخرة، في يوم الخميس ثالثه، نزل السلطان من القلعة وشق من القاهرة وقدامه ولده، فزينت له القاهرة، واستمر حتى نزل في جامعه الذي أنشأه في الشرابشيين، فكشف عليه وعلى المدرسة، فمد له هناك الأمير خاير بك مدة حافلة، وأنعم في ذلك اليوم على صوفية المدرسة لكل واحد منهم، وأنعم على البوابين والقراشين وأيتام المكتب، ففرق في ذلك اليوم نحوا من خمسمائة دينار بأشرفي، وأنعم على مشايخ الدرس لكل واحد بعشرة أشرفية، وحضر قدامه قراء البلد والوعاظ، وكان له موكب حافل، ومشت قدامه الأمراء الرءوس النوب بالعصي من باب زويلة إلى الجامع، وارتفعت له الأصوات بالدعاء وانطلقت له الزغاريد من الطيقان، ولم يقع له من حين عمر الجامع والمدرسة أنه نزل وكشف على عمارتهما سوى هذه المرة، وكان له يوم مشهود.
ومن الحوادث في ذلك اليوم أن السلطان لما طلع إلى المدرسة تزاحمت الناس على سلم المدرسة فوقع الإفريز الرخام الذي كان على السلم فانعطب من تحته شخص كان تحت السلم فانكسرت رجله، وحصل لجماعة آخرين الضرر الشامل بسبب ذلك. وكان معه من الأمراء الأتابكي سودون العجمي، وأركماس أمير مجلس، والأمير سودون الدواداري رأس نوبة النوب، والأمير طومان باي الدوادار قريب، السلطان، وآخرون من الأمراء المقدمين والعشراوات، والجم الغفير من الخاصكية والجمدارية.
وفيه توفي شخص من الأمراء الطبلخانات يقال له أزبك الشريفي، وكان يعرف بأزبك اليهودي، وكان غير مشكور السيرة.
وفي يوم السبا خامسه نزل السلطان من القلعة وتوجه إلى نحو المطرية، ثم رجع ودخل من باب النصر وأتى إلى خان الخليلي وكشف عن العمارة التي أنشأها هناك، وقد ملك خان الخليلي وهدمه وأنشأه عمارة جديدة.
وفي يوم الاثنين رابع عشرة عمل السلطان الموكب في الحوش بالشاش والقماش وخلع على الأتابكي سودون العجمي خلعة الأنظار، وكذلك سودون الدواداري رأس نوبة النوب.
وفي يوم الخميس سابع عشرة عرض السلطان المعلم على الصغير وأخاه المعلم أحمد والمعلم خضر وكانوا في التراسيم مدة، فلما عرضوا على السلطان قرر عليهم اثني عشر ألف دينار وألزمهم بأن يحضروا ذلك في تلك الساعة وكان يوم الجامكية، فقالوا ما نقدر على ذلك، فحنق السلطان منهم، فأمر بضربهم بالمقارع فضربوا ضربا مبرحا حتى أشرفوا على الموت، ولم يقدر أحد من الأمراء يشفع فيهم، وقد قيل في المعنى: