للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسمطة حافلة، واجتمع هناك أعيان الناس من العلماء والفقهاء وغير ذلك من مشاهير الناس.

ثم في يوم الخميس ثاني عشرة نزل السلطان إلى المقياس، فقدموا له الحراقة المعدة لكسر السد، فنزل بها وتوجه إلى المقياس، فطلع من على القصر الذي أنشأه على بسطة المقياس، فأقام هناك إلى بعد الظهر، ومد هناك مدة حافلة، ثم نزل من المقياس في الحراقة وشق من بر الروضة. فارتفعت الأصوات له بالدعاء، وانطلقت له النساء من الطبقان بالزغاريد، ولا سيما كانت ليلة وفاء النيل وكانت الروضة في غاية البهجة وهي محتبكة بالخيام، فكان له يوم مشهود، فاستمر شاققا في البحر حتى طلع من عند قصر ابن العيني. فلما طلع إلى القلعة أو في النيل في تلك الليلة، وكسر في يوم الجمعة ثالث عشر جمادى الأولى الموافق لخامس عشر مسرى، فاستبشر الناس بنزول السلطان إلى المقياس وكونه أو في النيل تلك الليلة بقدومه إلى المقياس.

وفيه نزل السلطان وتوجه إلى نحو قناطر الأوز وكشف على الحفر الذي حفره أنص باي حاجب الحجاب، وشق من بطن الخليج فلم يعجبه القطع فأمر بإعادته ثانيا ففعلوا ذلك.

فكان كما قيل في المعنى:

مولاي إن النيل لما زرته … حياك وهو أبو الوفا بالأصبع

أرخى عليه الستر لما جئته … خجلا ومد تضرعا بالأذرع

وكان النيال قد توقف عن الوفاء على أصبع واحدة فأوفى تلك الليلة وزاد عن الوفاء أصبعين. وكان مع السلطان لما نزل إلى المقياس الأتابكي سودون العجمي والأمير أركماس أمير مجلس والأمير طومان باي الدوادار الكبير، وغير ذلك من الأمراء المقدمين والعشراوات. فلما وفى النيل علقوا الستر في شباك القصر الذي أنشأه السلطان على بسطة المقياس، ثم رسم السلطان للأتابكي سودون العجمي بأن يتوجه ويفتح السد على العادة، فنزل في الحراقة وأتى للمقياس وخلع العمود، ثم توجه إلى فتح السد، وكان له يوم مشهود، وهذا أول فتحة للسد وهو في الأتابكية فأظهر في ذلك اليوم أنواع العظمة ولكن لم يصل في ذلك إلى من تقدمه من الأتابكية. فلما فتح السد قدموا له فرسا بسرج ذهب وكنبوش، ثم طلع إلى القلعة وخلع عليه السلطان خلعة حافلة على العادة. وقد سر الناس بوفاء النيل قاطبة بعد ما كان قد تسلسل في الانكسار وتشحطت الغلال فجاء الفرج من عند الله تعالى، فكان كما قيل في المعنى:

<<  <  ج: ص:  >  >>