للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن بحر النيل قد وفي لنا … ما عليه من قديم قررا

وقضانا الدين إلا أنه … حين وفي ما عليه انكسرا

ومما وقع في يوم فتح السد من الوقائع المهولة أن الناصري محمد بن العلاء علي بن خاص بك توجه إلى دار عند قنطرة سنقر ليتفرج هناك على قتال الزعر، فلما قعد في تلك الدار اجتمع فوق سطحها نحو من مائتي إنسان بسبب الفرجة، فهجم عليهم طائفة من المماليك، وطلعوا فوق السطح فوقع بهم على من في الدار فقتل من المماليك سبعة أنفس وقتلت امرأة صاحبة الدار وجاريتها ومن كان عندها من العيال، ثم وقع سقف الدار على الناصري محمد بن خاص بك فتصلب عليه الخشب هو وولده فلم يضره ذلك لكن حصل له تشويش في بعض أعضائه وانزعاج وكانت سلامته على غير القياس هو وولده، ومات من جماعته شخص يسمى أحمد كنينوا وكان من أولاد الناس وهو حواليه يتقاضى أشغاله وكان لا بأس به، فرجع ابن خاص بك إلى بيته وهو محمول ودفن أحمد كنينوا في ذلك اليوم، وكان عدة من قتل في ذلك اليوم تحت الردم سبعة عشر إنسانا ما بين رجال ونساء، وكانت حادثة مهولة لم تكن لأحد في اكتلاء والمقدر كائن، كما يقال في أمثال الصادح والباغم حيث يقول:

والمرء لا يدري متى يمتحن … فإنه في دهره مرتهن

وقوله أيضا:

وليس في العالم ظلم جاري … إذ كان ما يجري بحكم الباري

وفيه أفرج السلطان عن أبي البقا ناظر الإسطبل بعدما قاسى شدائد ومحنا وضرب بين يدي السلطان وصودر، فطلع علاء الدين ناظر الخاص وتسلمه من قدام السلطان وضمنه في ثمانية آلاف دينار، فخلع عليه السلطان ونزل إلى داره واستمر يورد ما قرر عليه من المال.

ومن الوقائع أن السلطان قبل وفاء النيل أمر يعمل جسر على خليج الزربية من عند قنطرة موردة الجبس، حتى يحوش الماء ويدخل إلى الخليج الناصري وتروي منه جهات المطرية. فلما صنع هذا الجسر حصل لسكان الزربية غاية الضرر، وامتنعت عنها المراكب من نحو بولاق، وصار ماء الخليج راكدا، فلم يسكن بالزربية بيت في هذه السنة

<<  <  ج: ص:  >  >>