فرو شيخ جهات المطرية، وقد حسن للسلطان بأن يسد خليج الزربية من جهة بولاق، ويصير الماء يدخل بعزم من تحت قصر ابن العيني الذي بالمنشية ويدخل إلى الخليج الناصري ليمكث الماء في الخليج حتى تروي منه أراضي المطرية والبلاد التي تحتها.
وفي يوم الثلاثاء خامسه كان ختام ضرب الكرة بالميدان. فلما انتهى ذلك أحضر السلطان ثيرانا وكباشا يتناطحون قدامه، ووقع في ذلك اليوم خصمانية بين المماليك في لعب الرمح وكان قاصد الصفوي حاضرا، فما انقضى أمر الكرة طلع السلطان من الميدان إلى الحوش وجلس بالمقعد الذي أنشأه هناك ومد به أسمطة حافلة، وكانت الأمراء حاضرين، وانشرح السلطان في ذلك اليوم، وكان يوما مشهودا.
وفي يوم الأربعاء ثالث عشرة نزل السلطان وتوجه إلى نحو خليج الزعفران وكشف على حفر الخليج الذي رسم به، وكان معه جماعة من الأمراء المقدمين وبعض خاصكية.
فلما نظر إلى ما حفروه من الخليج لم يعجبه، ومقت الأمير أنص باي حاجب الحجاب فيما صنعه، ثم توجه من هناك إلى تربة العادل التي بالريدانية فأقام بها إلى بعد العصر، وجرب هناك مكاحل، ومد له بركات ابن موسى المحتسب هناك مدة حافلة، ثم ركب بعد العصر وطلع إلى القلعة.
وفي يوم الخميس رابع عشرة قبض نائب الغيبة بالشرقية على شخص من العربان العصاة يقال له أحمد بن شكر، وكان من شرار المفسدين، فلما قبض عليه سلخ جلده وحشاه تبنا وأرسله إلى السلطان فسر الناس لذلك فإنه كان من كبار المؤذين وكان يشوش على المسافرين ففرح به كل أحد من الناس، فكان كما يقال:"مصائب قوم عند قوم فوائد".
وفي يوم الأحد سابع عشرة نزل السلطان أيضا وتوجه إلى تربة العادل، وجربوا قدامه مكاحل غير تلك المقدم ذكرها.
وفي ذلك اليوم توفي أيدكي دوادار سكين، وقد بقي من الأمراء العشراوات، وكان لين الجانب قليل الأذى، وكان لا بأس به.
وفي يوم الثلاثاء تاسع عشرة جلس السلطان في المقعد الذي بالميدان وساقت الرماحة قدامه وهم لابسون الأحمر والخوذ كما يفعلون عند دوران المحمل في رجب، ففعلوا ذلك ثلاثة أيام متوالية، وكان المعلم نمر الحسني أحد المقدمين الألوف فساقوا أحسن سوق، وكان قاصد الصفوي حاضرا فتعجب من ذلك غاية العجب.
وفي هذا الشهر أمر السلطان بهدم خان الخليلي وقد ملكه بطريق شرعي، فلما هدمه أنشأه إنشاء جديدا وجعل به الحواصل والدكاكين، وزاد في تزخرفه جدا.