للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أين المفر ولا مفر لهارب … ولنا البسيطان الثرى والماء

ذلت لهيبتنا الأسود وأصبحت … في يدنا الأمراء والخلفاء

وقال بعد ذلك:

ستعلم ليلي أي دين تداينت … وأي غريم بالتقاضي غريمها

وكان سلطان مصر يومئذ المظفر قطز المعزي، فلما سمع ذلك جمع العساكر، وخرج إلى هلاكو بعد أن وصل إلى أطراف البلاد الشامية فتحارب معه، فانكسر هلاكو كسرة مهولة وغنم منه عسكر مصر أشياء كثيرة من سلاح ودواب وغير ذلك. وقد أوضحنا ذلك في أوائل ابتداء الدولة التركية في الجزء الرابع من التاريخ، فالصفوي بالنسبة إلى هلاكو لا شيء، وقد قال القائل:

لو كل من قال نارا أحرقت فمه … لما تفوه باسم النار مخلوق

*****

وفي ربيع الآخر أمر السلطان بحفر الخليج ثاني مرة، ورسم ورسم للأمير أنص باي حاجب الحجاب بأن يتوجه إلى قناطر الأوز ويباشر حفر هذا الخليج بنفسه، فتوجه إلى هناك وأقام به وضرب له الخيام، واهتم بحفر الخليج من القنطرة الجديدة إلى قناطر الأوز إلى سد الخشب الذي عند ناي وطنان، فاحتفل بحفره إلى أن كاد أن ينبع الماء من أرضه وأحضر الجراريف والأبقار … ولكن حصل من هذه الحركة غاية الضرر وهو أن السلطان رسم بأخذ خراج الحصص والرزق قاطبة التي تروي من هذا الخليج، فأخذوا منهم خراج سنة كاملة وتحصل من هذه الجهة نحو من خمسين ألف دينار على ما قيل، فصرف منها البعض على حفر الخليج وحمل الباقي إلى الخزائن الشريفة وحصل للمقطعين الضرر الشامل.

وفيه أمر السلطان بعمل جسر في خليج الزربية، فوصعوه عند قنطرة موردة الجبس، فامتنعت المراكب من الدخول إلى الزربية، وحصل لسكان الجزيرة الوسطى غاية الضرر، ولم يسكن من بيوتها في هذه السنة إلا القليل وبارت من الكرى الذي جرت به العادة، وكانت تتزاحم الناس على كراها ولا تلحق، وكان القائم في عمل هذا الجسر ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>