للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الاثنين سابع عشرينه عمل السلطان الموكب بالشاش والقماش، وخلع على المقر السيفي سودون العجمي واستقر به أتابك العساكر بالديار المصرية عوضا عن دولات باي بن أركماس بحكم وفاته كما تقدم، فنزل من القلعة في موكب حافل وكان له يوم مشهود، وكانت الأتابكية شاغرة من حين توفي دولات باي ولما قرر سودون العجمي في الأتابكية قلت في ذلك:

أميرنا الأكبر المشهور بالعجمي … وجوده في الورى قد آل للعدم

تقول مصر لأن ولوه سلطنة … يا ضيعة الناس بين العرب والعجم

وفي ذلك اليوم حضر الرئيس حامد المغربي وصحبته جماعة من الفرنج نحو من مائتي إنسان وجدهم يتعبثون بسواحل البرلس فقبض عليهم وشكهم في زناجير، وشق بهم من القاهرة وطلع بهم إلى القلعة، فلما عرضوا على السلطان أمر بسجنهم حتى يحرر أمرهم فيما يكون.

وفي يوم الثلاثاء ثامن عشرينه عزم السلطان على قاصد الصفوي في الميدان وضرب الكرة هو والأمراء المقدمين قدامه، فلما انتهى ضرب الكرة دخل السلطان إلى البحرة التي أنشأها بالميدان، فلما جلس عليها طلب قاصد الصفوي وأضافه هناك ضيافة حافلة وأليسه سلارى صوف فستقي بسمور من ملابيسه، ثم عاد إلى المكان الذي أنزلوه به.

وكان السلطان وكل به جماعة من الخاصكية يمنعون من يدخل إليه من الناس قاطبة، ولا يمكنون أحدا من جماعة القاصد يخرج إلى الأسواق ولا يجتمع بأحد من الناس، ثم أنه في هذه المدة ركب مرة وصحبته أزدمر المهمندار فزار الإمام الشافعي والإمام الليثي ، ثم عاد إلى المكان الذي أعد له.

ومن النكت اللطيفة ما أشيع بين الناس أن القاصد لما قابل السلطان أول مرة وصحبته رأس أزبك خان ملك التتار والقوس العريض المقدم ذكر ذلك، فلما قرئت مطالعة الصفوي بين يدي السلطان وجدوها مكتوبة باللغات الأعجمية، فأحضروا من قرأها وهو شخص شريف يقال له الشيخ حسين من أبناء العجم، ثم وجدوا ضمن تلك المطالعة هذين البيتين، الحمد لله، ولما أرسل الصفوي في كتابه بهذين البيتين إلى السلطان أرسل إلى سليم شاه بن عثمان أيضا بهذين البيتين وهو يقول:

نحن أناس قد غدا شأننا … حب علي بن أبي طالب

<<  <  ج: ص:  >  >>