وفي يوم السبت ثامن عشرة دخل قاصد إسماعيل شاه الصفوي فأنزلوه في بيت قاني باي سلق الذي في رأس الرملة عند سوق الجلاق، فاستقر هناك إلى أن يطلع إلى القلعة ويقابل السلطان.
وفي ذلك اليوم رسم السلطان للأمراء والعسكر بأن يخرجوا إلى المطرية ويلاقوا القاصد ففعلوا ذلك، وخرج الجم الغفير من العسكر حتى ضاق بهم رحب الفضاء، ولكن وقع من السلطان في ذلك اليوم غاية الخفة وهو أنه نزل وسير إلى نحو المطرية فوقف عند تربة الملك العادل طومان باي ليرى القاصد والعسكر عن بعد، فانعقد هناك الغبار فلم يتمكن السلطان من رؤية القاصد والعسكر فرجع إلى القلعة، فعد هذا من النوادر الغريبة، فلما طلع إلى القلعة دخل إلى القصر الكبير ليرى القاصد من الرملة وهو داخل إلى بيت قاني باي سلق، وكان ذلك غاية الخفة من السلطان.
وفي يوم الاثنين عشرينه عمل السلطان الموكب بالحوش بغير شاش ولا قماش، وجلس على المصطبة الجديدة الّتي أنشأها بالحوش ونصب على رأسه السحابة الزركش، ورسم بتزيين باب الزردخاناه فزينوه بالصناجق السلطانية والشطفات وآلة السلاح من بركستوانات وزرديات وأطبار وسيوف وغير ذلك، فلما تكامل الموكب واجتمعت الأمراء أذن إلى قاصد إسماعيل شاه الصفوي بالطلوع إلى القلعة فطلع من بيت قاني باي سلق الذي بالرملة، وطلع صحبته المهمندار ووالي القاهرة، فلما مثل بين يدي السلطان، قبل الأرض وباس رجل السلطان، ثم قرئت مكاتبته بين يدي السلطان، ثم أن القاصد قدم للسلطان مصحفا شريفا وسجادة برسم الصلاة، فقبل السلطان ذلك المصحف وأخذه، ثم أحضر القصاد صندوقا لطيفا ففتح بين يدي السلطان فوجد به رأس شخص من ملوك التتار يسمى أزبك خان وهو الذي قتله الصفوي وأخذ بلاده، فرسم السلطان بدف تلك الرأس، ثم أحضر القاصد صحبته قوسا عريضا عرضه نحو شبر، فندب السلطان شخصا من الزردكاشية، وهو الزردكاش الثاني، يقال له الأمير يوسف، فجذب القوس بحضرة السلطان فكسره وذلك بعد نزول القاصد، وكان ذلك الموكب حافلا من المواكب المشهودة.
وفي ذلك اليوم خلع السلطان على المقر السيفي طوماي باي الدوادار الكبير وقرر أمير الحاج بركب المحمل، وخلع على شخص من الأمراء العشراوات يقال له بك باي وقرر أمير الحاج بالركب الأول، وكان بك باي هذا أصله من مماليك الأتابكي أزبك وولي نيابة القدس وصار من الأمراء العشراوات.
وفي يوم الجمعة رابع عشرينه طلع ابن أبي الرداد ببشارة النيل وجاءت القاعدة ست أذرع سوى، وكانت في العام الماضي أرجح من ذلك.