للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي أواخر هذا الشهر تشحط القمح وارتفع سعره إلى أشرفي كل أردب بعد ما كان كل أردبين بأشرفي، وسبب ذلك أن النيل كان في العام الماضي خسيسا وشرق غالب البلاد، ثم حدث أمر الفأر تسلط على الجرون وصار يقرض القمح والشعير وهو في سنبله. وهذا الفأر أمر من الله تعالى لا يقدر أحد على رده ولا يطاق لكثرته.

ووقع في هذا الشهر من الحوادث أشياء كثيرة.

*****

وفي ربيع الأول في يوم الاثنين سادسه خلع السلطان علي جاني بك دوادار الأمير طراباي رأس نوبة النوب، وقرره في نظر الديوان الشريف المفرد لمشاركة الأمير طومان باي الدوادار الكبير في الأستادارية، وهذه مصادرة لجاني بيك في أخذ ماله بحسن عبارة وأقرب طريقة.

وفي يوم السبت حادي عشرة عمل السلطان المولد النبوي وكان حافلا، واجتمع به القضاة الأربعة والأمراء، ولم يكن تقرر أحد في الأتابكية من بعد الأمير دولات باي إلى يوم تاريخه.

وفي ذلك اليوم توفي القاضي تاج الدين ابن القاضي شمس الدين نصر الله المعروف بابن النجار، وكان رئيسا حشما من ذوي البيوت، تولى والده القاضي شمس الدين الوزارة في دولة الأشرف إينال سنة تسع وخمسين وثمانمائة فأقام بها مدة يسيرة وعزل عنها، ومات القاضي تاج الدين وهو في عشر السبعين، وكان لا بأس به.

وفي يوم الثلاثاء رابع عشرة جاءت الأخبار من بلاد الغرب بأن صاحب جربة انتصر على الفرنج نصرة عظيمة، وغنم منهم غنائم كثيرة، وقتل منهم نحوا من سبعة آلاف إنسان، وأسر منهم جماعة كثيرة، ثم بعثوا للسلطان مكحلة نحاس كبيرة وأشياء كثيرة من أنواع الهدية وشخصين من أسرى الفرنج وعليهم آلة السلاح، فشكر لهم السلطان ذلك، وسر بهذه النصرة التي وقعت لهم.

وفي يوم الأربعاء خامس عشرة توفي الشهاب أحمد المحلاوي مؤذن السلطان، وكان حسن الصوت مطبوعا في فنه مقاتلا على الدخول، وكان لا بأس به، ومات وقد ناف عن الأربعين سنة من العمر، وقيل جاوز الخمسين.

وفي يوم الجمعة سابع عشرة في ليلة توفي الرئيس شمس الدين محمد القوصوني، وكان علامة في فن الطب، فريد عصره في ذلك، وكان رئيسا حشما في سعة من المال، وكان لا بأس به.

<<  <  ج: ص:  >  >>