للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الشهر رسم السلطان بعمارة قنطرة الخروبي وعلاها مقدار ثلاث أذرع، وكذلك قناطر السباع، فإنه كان حصل لهما تشعث وآل أمرها إلى السقوط.

وفي يوم الثلاثاء ثاني عشرينه ضرب السلطان الكرة بالميدان، ففي ذلك اليوم تقنطر من على الفرس بهادر الغوري أحد الأمراء الطبلخانات وكان من خواص السلطان، فلما تقنطر أغمي عليه فنزل إلى داره وهو محمول على بغل وقد انقطع نخاعه، فلما وصل إلى داره مات من وقته، وكان من المتكبرين وعنده الشمم الزائد فعد موته من الغرائب، فكان كما يقال في المعنى:

فكم من صحيح مات من غير علة … وكم من عليل عاش حينا من الدهر

وكم من فتى يمسي ويصبح آمنا … وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري

وفي يوم الأربعاء ثالث عشرينه نزل السلطان من القلعة وتوجه إلى نحو طرا ونصب له هناك وطاقا عظيما، وكان معه بعض أمراء مقدمين، فإن الأتابكي دولات باي كان مريضا على خطة، وكذلك سودون العجمي أمير سلاح، وكان الأمير طومان باي الدوادار مسافرا نحو الغربية بسبب فساد العربان مما تقدم ذكره من قتل عيسى بن جميل، وكان سبب نزول السلطان إلى هناك قيل إنه عرض المركب الكبير الغليون الذي عمره في بولاق عند الرصيف، فلما كمل زينوه بالصناجق والطوارق والمكاحل وتوجهوا به إلى طرا وعرضوه على السلطان في البحر، ورموا قدامه بالمدافع ذهابا وإيابا كما فعل قبل ذلك لما عرض المراكب الأغربة، وقد تقدم ذكر ذلك، فمد هناك أسمطة حافلة وابتهج في ذلك اليوم، وكان يوما مشهودا، وأقام هناك إلى بعد العصر، فلما رجع من طرا رجع من البحر فأحضروا له الحراقة التي يكسر فيها السد فنزل بها، ونزل الأمراء والعسكر في عدة مراكب، واستمر حادرا في البحر حتى طلع من رأس الجزيرة الوسطى من تحت قصر ابن العيني، ثم طلع من هناك إلى القلعة وشق من سوق جامع ابن طولون، وكان يوما بالسلطاني.

وفي يوم الجمعة خامس عشرينه كانت وفاة الأتابكي دولات باي بن أركماس المعروف بالساقي، وكان أصله من مماليك الأشرف قايتباي، وقد ساعدته الأيام حتى ولي عدة وظائف سنية منها نيابة حلب ونيابة الشام ونيابة طرابلس، ثم حضر إلى مصر، وولي امرة السلاح في دولة الأشرف قانصوه الغوري وأقام بها مدة طويلة، ثم بقي أتابك

<<  <  ج: ص:  >  >>