للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميدان وجمع السباكين وحضر الأمير أركماس، ووضعوا ذلك الحجر الذي على هيئة الفولاذ في النار، فمجرد ما وضعوه في النار صار مثل الخرنفش وتفتت، فخجل الأمير أركماس من ذلك، وانتصف عليه ذلك الزردكاش، وهو الجمالى يوسف أخو مؤلفه، وعد ذلك من النوادر.

ومما حكى عن أمر الصاعقة الحقيقية: أن سنة ست وتسعين وثلاثمائة وقعت صاعقة عظيمة بجرجان، فرجت لها الأرض وسقطت من هولها الحوامل، فخرج الناس إلى مكان سقطت فيه، فوجدوها قد ساخت في الأرض على قدر قامة، فنبشوا عليها فوجدوها قد بقيت قطعة حديد قدر مائة وخمسين منا، وهي أجزاء جاروشية صغار مستديرة قد التصق بعضها ببعض، فسمع بذلك السلطان محمود بن سبكتكين صاحب خراسان، وهو أول من تلقب بالسلطان، فكتب إلى عامل جرجان بنقل هذه القطعة الحديد فتعذر عليهم نقلها، فحاولوا كسر قطعة منها فلم تعمل فيها الآلات، فعولج كسر قطعة منها بعد جهد كبير فحملت إليه، فرام أن يصنع منها سيفا له فتعذر عليه ذلك ولم يتم له ما أراد.

وفي يوم السبت ثالث عشرينه نزل السلطان إلى الميدان وعرضوا عليه قناصلة الفرنج، منهم القنصل الذي بثغر الإسكندرية، والقنصل الذي بدمشق، والقنصل الذي بطرابلس. فلما وقفوا بين يديه وبخهم بالكلام ووعدهم بالشنق. وسبب ذلك أن نائب البيرة قبض على دواسيس من عند إسماعيل الصفوي (١)، وعلى أيديهم مكاتبات إلى القناصل بأن يكاتبوا ملوك الفرنج بأن يأتوا في مراكب من البحر، وأن يزحف هو ومن معه من العساكر من البر على سلطان مصر وعلى ابن عثمان ملك الروم، فانكشف رخهم وافتضحوا في هذه الواقعة، فرسم السلطان بتسليمهم إلى ناظر الخاص ليقررهم عن حقيقة ذلك، وإن لم يقروا يسلمهم إلى الوالي، فانفضوا على ذلك.

وفي ذلك اليوم عرض السلطان الدنوشري مباشر الأتابكي قرقماس، وقد غمز عليه بأن عنده مالا لأمير كبير، فلما عرضه لم يقر بشيء فرسم بتسليمه إلى نقيب الجيش فقبض عليه وعلى الخازندار أيضا، واستمرا في الترسيم لما تقتضيه الآراء الشريفة في أمرهما.

وفي ذلك اليوم توفيت خوند جان كلدي زوجة الملك الظاهر قانصوه المسجون بثغر الإسكندرية، فأخرجت وعلى نعشها بشخانة زركش، وكانت ذات عقل ودين لا بأس بها،


(١) - هو اسماعيل شاه بن حيدر الصفوي. وقد ورد اسمه "الصوفي" خطا بين الصفحات ٧٥٧ و ٨٠٠ من الكتاب. وهو مؤسس الأسرة الصفوية التي حكمت فارس من سنة ١٤٩٩ إلى سنة ١٧٢٦.
وقد نبهنا إلى ذلك الدكتور جمال موسى بدر جزاه الله خيرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>