للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ذي القعدة جاءت الأخبار من بلاد الغرب بأن صاحب تلمسان تحارب مع الفرنج وقتل منهم نحوا من عشرين ألف إنسان، واستخلص منهم ما كانوا قد استولوا عليه من جهات الأندلس وغيرها، فسر الناس قاطبة لهذا الخبر.

وفيه، في يوم الاثنين حادي عشرة، نزل السلطان إلى الميدان وعزم على خاير بيك نائب حلب، واجتمع الأمراء المقدمون، وساق قدامهم في ذلك اليوم الرماحة وهم لابسون الأحمر وآلة السلاح، كما يفعلون في أيام دوران المحمل. وكان معلم الرماحة الأمير تمر الحسيني أحد المقدمين المعروف بالزردكاش ومعه أربعة باشات، فساقوا أحسن سوق ونزلوا عن خيولهم وباسوا الأرض للسلطان على جاري العادة، فخلع على المعلم وأركبه فرسا بسرج ذهب وكنبوش. وخلع على الأربعة باشات، ثم خلع في ذلك اليوم على الأمراء المقدمين كوامل الشتاء، ثم تحول ودخل إلى البحرة التي بالميدان ومد إلى نائب حلب هناك أسمطة حافلة.

وفي ذلك اليوم رسم السلطان بشنق ثلاث جوار وغلام قد قتلوا سيدتهم، وهي أم كسباي الذي كان دوادارا ثانيا وقتل في معركة قانصوه خمسمائة كما تقدم ذكر ذلك، فشنقوا على باب سيدتهم في مكان قتلوها فيه.

وفيه نزل السلطان من القلعة وصحبته الأمراء المقدمون قاطبة وعليهم كوامل الشتاء التي ألبسها لهم السلطان، وصحبته أيضا أعيان المباشرين، فشق من الصليبة وتوجه من على قناطر السباع إلى الجزيرة الوسطى، ثم أتي إلى بولاق ومر من على الرصيف ووقف عند مدرسة ابن الزمن، وزار سيدي سويدان الذي هناك مقيما بالمدرسة، ثم عرج من على جزيرة الفيل وأتى إلى شبرا، واستمر على ذلك حتى وصل إلى قناطر أبي المنجا حتى كشف على الأخشاب التي أرسلها ابن عثمان وكانت هناك في حاصل، ثم رجع من على المنية وطلع من على قنطرة الحاجب ودخل من باب الشعرية، فزينوا له الخشابين وارتفعت له الأصوات بالدعاء وانطلقت له النساء بالزغاريت من الطيقان. ثم خرج من باب القنطرة وعرج من بين الصورين وطلع من باب الخرق وشق من سوق تحت الربع.

ثم طلع من على البسطيين واستمر على ذلك حتى طلع إلى القلعة، وكان له يوم مشهود.

ومن حين سلطنته إلى ذلك اليوم لم يقع له موكب مثل ذلك.

وفي هذه السنة تعطبت سائر الفواكه، حتى البطيخ والثوم والبصل وغير ذلك من الفواكه والخضر، حتى الرياحين والأزهار والغلال، وكانت غالب الأراضي مجدبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>