سبيل علان، فحملوه وأتوا به إلى داره حتى غسلوه وكفنوه ودفنوه، فرجعت زوجته من بركة الحاج ولم يقسم لهما الحج في هذه السنة، حتى عد ذلك من النوادر.
وفيه طلعت إلى السلطان تقدمة حافلة من عند نائب حلب وهي أطباق فيها ذهب عين ومماليك جراكسة نحو من ثلاثة وأربعين مملوكا، ومن الخيول خمسين فرسا منها فرس بسرج بلور وكنبوش ذهب وأنعاله من الذهب، قيل إن مشتراه ألف دينار، وعدة حمالين عليها زرديات وصوف وسمور ووشق وسنجاب وغير ذلك من الأصناف الفاخرة.
وفيه أنفق السلطان الجامكية على العسكر، وجعل للماليك الذين استجدهم طبقة جامكية خامسة في أواخر الجوامك تصرف لهم على انفرادهم.
وفيه غيب المعلم على الصغير، وكان السلطان قرر عليه مالا لم يقدر عليه فهرب، وقرر عوضه المعلم خضر، وقد تعطل اللحم في هذه الأيام إلى الغاية.
وفيه توعك جسد السلطان وأفصد واحتجب عن الناس ولم يخرج إلى صلاة الجمعة، فكثر القيل والقال بسبب ذلك. واستمر منحجبا أياما فطلع إليه الخليفة المتوكل على الله وعاده، ثم طلع إليه القضاة الأربعة وعادوه، ثم بعد أيام شفي وخرج إلى صلاة الجمعة وهو راكب، فخطب قاضي القضاة الشافعي خطبة بليغة مختصرة، ثم انقضى أمر الصلاة وعاد السلطان إلى القبة التي أنشأها الأشرف جان بلاط بجوار الدهيشة فأقام بها.
وفيه توفي قاضي قضاة غزة شمس الدين محمد ابن النحاس الشافعي، وكان من خواص السلطان، وكان لطيف الذات عشير الناس رئيسا حشما، وكان لا بأس به.
وفيه وصلت عدة مراكب من عند ابن عثمان ملك الروم فيها زردخاناه للسلطان، فوصلت إلى بولاق عند الرصيف وشرعوا يحولون ما فيها إلى القلعة، فكان من جملة ذلك مكاحل سبقيات العدة ثلاثمائة، ونشاب ثلاثين ألف سهم، وبارود مطيب أربعون قنطارا، ومقاذيف خشب، العدة ألفا مقذاف، وغير ذلك من نحاس وحديد وعجل وحبال وسلب، ومراسي حديد، وغير ذلك مما تحتاج إليه المراكب، فشكره السلطان على ذلك، وكان السلطان أرسل مالا على يد يونس العادلي إلى بلاد ابن عثمان ليشتري له بها أخشابا ونحاسا وحديدا، فلما بلغ ابن عثمان ذلك رد عليه المال وجهز ما ذكرناه من عنده تقدمة للسلطان.