وفي شوال - في يوم سابعه - حضر الأمير أقباي الطويل أمير آخور ثاني الذي كان قد توجه إلى القدس بسبب القيامة، وأشيع بين الناس أنه احتاط على ما في القيامة من مال الفرنج، وربما يحصل من هذه الحادثة مفسدة كبيرة من قبل الفرنج.
وفي يوم الخميس تاسعه حضر إلى الأبواب الشريفة المقر السيفي خاير بيك بن ملباي نائب حلب، وقد حضر ليرى وجه السلطان ويزوره، فلما طلع إلى القلعة خلع عليه السلطان متمر وفوقه فوقاني بطرز يلبغاوي عريض مثل خلعة الأتابكية. ونزل من القلعة في موكب حافل وتوجه إلى بيت الأمير قرقماس الجلب الذي بالتبانة فنزل به. وقد عظمه السلطان إلى الغاية وأوكب بالقصر ولبس الأمراء الشاش والقماش بسببه.
وفي يوم السبت ثامن عشرة خرج المحمل الشريف من القاهرة في تجمل زائد، وكان أمير ركب المحمل قانصوه ابن سلطان جركس، وبالركب الأول نوروز تاجر المماليك أحد الأمراء الطبلخانات وكان لهما بالقاهرة يوم مشهود.
وفيه تغير خاطر السلطان على جماعة من الزردكشاية فقبض على شخص يسمى أحمد بن قراكز، وعلى شخص يسمى محمود الأعور، وغيب عبد الكريم بن اللاذني مستوفي الزردخاناه، ورسم على عبد الباسط بن تقي الدين الناظر، فسلمهم السلطان إلى الأمير معلباي الشريفي الزردكاش، ووضع أحمد بن فراكز في الحديد ثم ضربه فيما بعد هو وابنه، وقد قرر عليهم السلطان عشرة آلاف دينار، وكان أحمد بن قراكز هذا سببا لمصادرة مغلباي الزردكاش وعبد الباسط الناضر، وغرموا مالا له صورة، وقد تقدم ذكر ذلك. وكان أحمد بن قراكز ما أبقى ممكنا في مرافعة مغلباي الزردكاش وعبد الباسط الناظر ومباشري الزردخاناه ويحيى بن يونس أحد الزردكاشية، وكان حظي عند السلطان بسبب المرافعة وداخله في أمور شتى، فما عن قريب حتى تغير خاطر السلطان عليه ورافعه جماعة وأثخنوا جراحاته عند السلطان، فغضب عليه وسلمه إلى الأمير مغلباي الزردكاش فظفر به واشتفى منه، فكان كما يقال في المعنى:
قل للعذول يرعوي … وينتهي عن عتبه
ولا يكون في الهوى … يشمت بي أشمت به
وفيه وقعت نادرة غريبة وهي أن شخصا من المماليك السلطانية يقال له شاهين، وهو في سن الشيخوخة، قصد الحج في هذه السنة، فخرج هو وزوجته إلى بركة الحاج، ثم عرضت له حاجة في بيته فرجع تحت الليل، فخرج عليه جماعة من العربان فقتلوه عند