للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الأربعاء تاسع عشره نزل السلطان وتوجه إلى نحو المطرية عند تربة العادل، وكان المعلم حسن بن الصياد المهندس خط له بالجبس في الأرض صفة مدينة ثغر الإسكندرية وعدد أبراجها وأبوابها وهيئة سورها والمنار التي كان بها وقدر عرضها وطولها، فنزل السلطان بسبب ذلك حتى تأملها وتفرج عليها ثم عاد إلى القلعة من يومه.

وفيه هذا الشهر كثرت الأمراض بالناس وحدث لهم السعال وذات صدر حتى صاروا يتساقطون على بعضهم، ولكن كان الغالب فيه السلامة.

وفيه توفي القاضي نور الدين علي الدمياطي أحد نواب الحنفية، وكان لا بأس به، وقاسى شدائد ومحنا، وصودر وأخذ منه مال له صورة.

*****

وفي رمضان في يوم مستهله عرض الوزير الجمالي يوسف البدري اللحم والخبز والسكر والدقيق والغنم، فطلع بذلك وهو مزفوف على رؤوس الحمالين، وكان السلطان في الميدان فخلع عليه وعلى الزيني بركات بن موسى ناظر الحسبة الشريفة.

وفي يوم الأربعاء عاشره توفي القاضي إبراهيم بن البابا المعروف بالشرابيشي ناظر الذخيرة والمتحدث على أوقاف الزمامية، وكان رئيسا حشما لين الجانب، ومات وهو في عشر الثمانين وزيادة، وكان لا بأس به، فلما توفي خلع السلطان على ولده الشمسي شمس الدين محمد وقرره في تلك الجهات كما كان والده.

وفي يوم الجمعة تاسع عشره توفي القاضي كمال الدين محمد بن القاضي خير الدين الشنشي أحد نواب الحنفية، وكان رئيسا حشما لا بأس به.

وفي ليلة الثلاثاء ثالث عشرينه كانت وفاة الأتابكي قرقماس بن ولي الدين أتابك العساكر بالديار المصرية، فرجت لموته القاهرة، وكانت جنازته مشهودة ومشى فيها القضاة الأربعة وسائر الأمراء من كبير وصغير، وكذلك أعيان المباشرين ومشاهير الناس بحيث لم يتأخر منهم أحد، وكانت جنازته حافلة وأخرجوا قدامه كفارة ما بين خبز وتمر وغنم، فلما وصلوا به إلى مدرسة السلطان حسن نهب العوام تكل الكفارة عن آخرها، ثم نثروا على نعشه الفضة في عدة أماكن، وكثر عليه الحزن والبكاء من الناس فإنه كان لين الجانب وعنده تواضع، فلما وصل إلى سبيل المؤمنين خرج السلطان من الميدان وهو راكب وأتى إلى سبيل المؤمنين فنزل عن فرسه ودخل المصلاة، فلما وضعوا نعشه بين يديه قبله وهو في النعش وبكى عليه بكاء كثيرا، فلما صلوا عليه حمل نعشه ومشى به خطوات حتى أخذه منه الأمراء وتوجهوا به وهم قدامه مشاة إلى تربته التي أنشأها

<<  <  ج: ص:  >  >>