للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي جمادى الآخرة حضر الأمير طومان باي الدوادار، وكان مسافرا إلى جهة الصعيد وصحبته خاير بيك كاشف الوجه الغربي أحد المقدمين، وكان طومان باي الدوادار له نحو من خمسة أشهر وهو مسافر في الصعيد، فلما طلع إلى القلعة خلع عليه السلطان وعلى الأمير خاير بيك ونزلا في موكب حافل.

وفيه جاءت الأخبار بوفاة خليل بيك بن رمضان أمير التركمان، وكان رئيسا حشما لا بأس به.

وفي يوم الأربعاء سادسه انتهى العمل من مكاحل سبكها السلطان، فرسم بنقلها إلى نحو تربة العادلة التي بالريدانية، فسحبوها على العجل وكانوا نحوا من خمس عشرة مكحلة فقاسوا في نقلها ما لا خير فيه، وقتل في ذلك اليوم شخص من العتالين يقال له المقدم خطاب وتعطب منهم جماعة آخرون من النجارين، وكان يوما مهولا.

وفي يوم الأحد عاشره جاءت الأخبار من عند نائب طرابلس بأن الفرنج خرجوا على الأمير محمد بيك قريب السلطان الذي كان قد توجه إلى الجون بسبب إحضار الأخشاب، فخرج عليه طائفة من الفرنج بالقرب من ساحل قلعة إياس، فتحارب معهم الأمر محمد بنفسه وقد فر عنه من كان معه من العسكر، فقتل، وقتل من كان معه من الجند، وأخذوا ما كان معه من المراكب المشحونة بالسلاح وآلة الحرب وكانت نحوا من ثمانية عشر مركبا، فلما بلغ السلطان ذلك تنكد إلى الغاية وامتنع عن الأكل يومين، وقد تزايد شر الفرنج في هذه السنة وكثر تعبثهم بالناس في البحر الرومي والبحر الهندي والأمر إلى الله تعالى، وقد ارتج الأمر على السلطان في هذا الشهر من جهات عديدة واضطربت أحواله جدا، فكان كما يقال في المعنى:

لا تجز عن فبعد العسر تيسير … وكل شيء له وقت وتدبير

وللمهيمن في أحوالنا نظر … وفوق تدبيرنا لله تدبير

وفي يوم الأربعاء ثالث عشره نزل السلطان إلى نحو تربة العادلة التي بالريدانية وجربوا قدامه تلك المكاحل التي سبكها كما تقدم، فلما أطلقوا فيهم البارود تفرقعوا أجمعين وبقي نحاسهم طاير مع الهوا ولم تصح منهم واحدة، وكانوا نحوا من خمس عشرة مكحلة،

<<  <  ج: ص:  >  >>