وفي يوم الخميس، ثالث عشره، طلع ابن أبي الرداد ببشارة النيل، وجاءت القعدة سبع أذرع زيادة عن العام الماضي بعشر أصابع، وكانت الزيادة في أول يوم من المناداة خمس أصابع.
وفي هذا الشهر ارتفع سعر البصل حتى بلغ سعر كل قنطار اثنين وعشرين نصفا ولا يوجد، حتى عد ذلك من النوادر.
وفي يوم الاثنين، سابع عشره، خرج الأمير تمرباي الهندي أحد الأمراء العشراوات، وقد عينه السلطان قاصدا إلى إسماعيل شاه الصوفي متملك العراق، فخرج مسافرا في ذلك اليوم وكان له موكب حافل.
وفيه خلع السلطان على قانصوه بن سلطان جركس أحد الأمراء المقدمين وعينه أمير حاج بركب المحمل، وخلع على الأمير نوروز تاجر المماليك وعينه أمير حاج بالركب الأول.
وفيه عرض السلطان معين الدين بن شمس الذي تغير خاطره عليه كما تقدم، فضربه بالمقارع بين يديه نحوا من مائة شبيب حتى أشرف على الموت، وقد أخذ بخطيئة كاتب السر بدر الدين بن مزهر فإنه كان متوليا عقابه فعذبه بأنواع العذاب ولم يرث له فيما جرى عليه، فما عن قريب حتى أذاقه الله تعالى طعم العذاب، فكان كما يقال:
جرع كأسا كان يسقى بها … والمرء مجزى بأعماله
ظن بأن الدهر يصفي له … فخيبت من ذاك آماله
وفي رابع عشره خرج الأمير محمد بيك الذي تعين إلى نحو الجون بسبب قطع الأخشاب لأجل عمارة المراكب المعينة إلى تجريدة الهند، فخرج في موكب حافل، وكان ذلك آخر سعده.
وفيه خرج الطواشي بشير رأس نوبة السقاة وقد عينه السلطان بأن يتوجه إلى بلاد الهند، وقد كاتب السلطان جماعة من ملوك الهند بأن يكونوا مع السلطان عونة على قتال الفرنج الذين صاروا يتعبثون بسواحل بلاد الهند وقد كثر منهم الفساد هناك، وبلغت عدة المراكب التي يعبثون بها في السواحل نحوا من خمسين مركبا، والأمر إلى الله في ذلك.
وفيه تغير خاطر السلطان على شرف الدين النابلسي الأستادار بسبب انشحات الجامكية، فبطحه بين يديه وضربه نحوا من مائة عصا.