للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه فرق السلطان الأضحية على العسكر، وقطع أضحية كثيرة لجماعة من المباشرين والفقهاء كانت على الذخيرة، حتى قطع السكاكين التي كانت تفرق على الناس في عيد النحر من الزردخاناه وكانت من العادات القديمة، فأبطلها في هذه السنة بواسطة شخص من الزردكاشية يقال له: أحمد بن قراكز.

وفيه كان الأتابكي قرقماس مسافرا في بعض جهاته، وقد فر لأجل تفرقة الأضحية.

وفيه توفي الأمير قانصوه جوشن أحد الأمراء الطبلخانات، وكان لا بأس به.

وفيه كان موكب العيد حافلا وأوكب السلطان على العادة، فلما انقضى يوم العيد نزل السلطان في اليوم الثاني من العيد وتوجه إلى قبة الأمير يشبك الدوادار التي بالمطرية وأقام هناك إلى بعد العصر. ووافق ذلك اليوم عيد النصارى وأول الخماسين فانشرح هناك ومد أسمطة حافلة. وحضر عنده جماعة من المغاني وأرباب الآلات، ورسم لبعض الأمراء العشراوات بأن يرقص فقام ورقص بين يدي السلطان فرسم له بمائة دينار. ولما صار العصر وركب من هناك أخذ في جيبه كيسا فيه ذهب وصار يفرق منه بطول الطريق على الفقراء ومن يقف له من الناس، فشرع يعطيهم من يده بغير واسطة بحسب ما يقسم لهم، واستمر على ذلك حتى طلع إلى القلعة وكان يوما بالسلطاني.

ولما مضى العيد وأيام التشريف عزل السلطان قاضي القضاة الشافعي كمال الدين الطويل، وخلع على الشيخ بدر الدين محمد ابن قاضي القضاة صلاح الدين المكيني وقرره في قضاء الشافعية بمصر عوضا عن كمال الدين الطويل بحكم صرفه عنها، وقد جمع بدر الدين المكيني بين قضاء الشافعية ومشيخة الخشابية والشريفية، وقد سعى في ولاية القضاء بثلاثة آلاف دينار، ويا ليته ما سعى فكان سعيه غير مشكور، فكان كما يقال في المعنى:

الحمد لله كم أسعى بعزمي في … نيل القضا وقضاء الله ينكسه

وكان غالب الأمراء والعسكر مائلا إلى قاضي القضاة كمال الدين وسيعود إلى القضاء عن قريب.

وفيه توفيت الست آمنة والدة أمير المؤمنين المستمسك بالله يعقوب، وهي ابنة أمير المؤمنين أبي الربيع المستكفي بالله سليمان، وكانت دينة خيرة صالحة، وقد كف بصرها في أواخر عمرها. وكانت لا بأس بها.

وفيه وصل مبشر الحاج في ثلاثة عشر يوما، وأخبر بالأمن والسلامة لجميع الحجاج.

<<  <  ج: ص:  >  >>