وفيه نزل السلطان إلى الميدان فوقف إليه جماعة من المغاربة، نحو من سبعين إنسانا ما بين رجال ونساء، وقد قصدوا الحج في هذه السنة، فرسم لهم السلطان بأشرفي لكل واحد منهم ثمن بقسماط.
وفيه، في يوم الجمعة ثالث عشرينه، طلع قرقد بن عثمان إلى القلعة، وأفطر عند السلطان تلك اليلة وبات، فلما أصبح ألبسه السلطان سلاري صوف أبيض بسمور من ملابيسه.
ومن الحوادث أن في ليلة الأحد خامس عشرينه وجد اثنان من مماليك السلطان من طبقة الصندلية قتلى عند بركة باب اللوق، بالقرب من شاطئ الخليج، ولا يعلم من قتلهما، فلما طلع النهار نزل من القلعة الجم الغفير من المماليك من خشداشين أولئك المماليك الذين قتلوا، فنهبوا عدة دكاكين من باب اللوق، وكادوا أن يحرقوا البيوت التي هناك حتى أدركهم الوالي، فلما بلغ السلطان ذلك تنكد وألزم الوالي بتحصيل من فعل ذلك، فنزل الوالي وقبض على جماعة كثيرة من أرباب الأدراك الذين هناك، ومن الغيطانية والمرابعين، وغير ذلك ممن لا ذنب له في ذلك، وربما عوقب من لا جنى. فلما عرضوا على السلطان أمر بسجنهم في المقشرة.
وفي أثناء هذا الشهر ظهر محمد بن العظمة الذي كان ناظر الأوقاف، فترامى على بعض الخاصكية بأن يسعى له عند السلطان في عوده إلى نظر الأوقاف، فلما ذكر للسلطان مال إليه، فلما بلغ محمد بن العظمة ذلك طاش وشرع يطلب أعيان الناس بالرسل الغلاظ الشداد. وكان علاء الدين ناظر الخاص متحدثا في نظر الأوقاف، فلما بلغه ما فعله ابن العظمة طلع إلى السلطان وشكا له من ابن العظمة، فقال له السلطان:"أنت تشتكي عندي من هذه الوظيفة وتقول باخسر فيها"! فقال ناظر الخاص: "أسد فيها بسعادة السلطان". فألبسه كاملية ونزل إلى داره، فلما نزل قبض على محمد بن العظمة وضربه وسجنه بالمقشرة واستمر بها مدة طويلة.
وفي خامس عشرينه كان ختم البخاري بالقلعة، ونصب السلطان خيمة الحوش واجتمع القضاة الأربعة ومشايخ العلم، وفرقت الخلع والصرر على العادة، وكان ختما حافلا.
وفي يوم الثلاثاء سابع عشرينه عرض ناظر الخاص خلع العيد على السلطان وهي مزفوفة على رؤوس الحمالين، فخلع عليه السلطان.
وفيه وصل إلى السلطان تقدمة حافلة من عند نائب الشام، وهي ما بين خيول ومماليك وقماش ومال وغير ذلك.